أبرز نتائج الجولة الأولى من انتخابات مجلس الشعب تتمثل فى تشكيل برلمان "تابع بالكامل" للحزب الوطنى، الأمر الذى قد يخلق آلية جديدة فى مناقشة القضايا والاستجوابات ومشاريع القوانين تكتفى بما تقره اللجان المتخصصة مباشرة دون الحاجة إلى تصويت، اللهم إذا نظم "الوطنى" تحت القبة صفوفه ولعب بطريقة البرتغالى مانويل جوزيه 3-5-2 ، أى أن 30 بالمائة من أعضاء الوطنى يناقشون و20 بالمائة يعارضون، و50 بالمائة يصوتون على أن تضاف إليهم أصوات الثلاثين بالمائة الذين ناقشوا.
لكن نتيجة بارزة أخرى بدأت تظهر فور انتهاء الجولة الأولى للانتخابات، بعد تلقى الأحزاب والموعودين صدمة الخروج من المنافسة، فالظاهر حتى الآن وجود شروخ عميقة وانقسامات حزبية بالجملة، بعد نتائج الجولة الأولى، التى خيبت ظن قيادات الأحزاب وأسقطت فكرة التنسيق مع الحزب الوطنى، ودفعتهم لإعلان انسحابهم أمام الجماهير.
والظاهر أن أحزاب المعارضة وجماعة الإخوان سوف تقوم بأكبر عملية مراجعة للسياسات، وقد تنتهى بانقلابات داخلية، فقيادات حزب التجمع أعلنت مبكرًا عزمها على سحب الثقة من رئيس الحزب، رفعت السعيد، واتجهت قيادات العربى الناصرى إلى المطالبة بتجميد الحزب بعد السقوط الكبير والخروج من الجولة الأولى بصفر كبير، وفى الوفد أعلن عدد من المرشحين الذين يخوضون جولة الإعادة عزمهم على كسر قرار الحزب بالانسحاب واستكمال الانتخابات، كما فسروا قرار الحزب بالانسحاب بأنه انصياع لانفعال المجروحين فى الانتخابات.
نحن إذن أمام قرارات ومواقف يتخذها المجروحون فى الانتخابات، وهى بالمناسبة ليست كلها انفعالية ووقتية، بل إن كثيرًا منها نتيجة انكشاف الحجاب عن ممارسات سياسية وضعت مصائر المعارضة الحزبية فى أيدى قياداتها كنوع من إعادة إنتاج حكم الفرد، وهو تحديدًا ما قد يكون موضع تصويب المجروحين فى هذه الانتخابات.
بمعنى آخر، إن الانتخابات التى أفرزت برلمانًا يدين بالكامل تقريبًا للحزب الوطنى، أفرزت وعيًا جديدًا للمعارضة بضرورة إعادة ترتيب الأوراق وإعادة الأحزاب المختطفة والمجمدة فى أدراج الرؤساء، الذين يعيشون بدورهم فى جلباب" الوطنى.
لو تحقق ذلك، وهو بالمناسبة ليس بعيدًا من الحراك الظاهر أمامنا، ستكون لانتخابات مجلس الشعب، المشكوك فى نزاهتها، فائدة عظيمة تتمثل فى استعادة المعارضة المصرية النائمة والمشتتة والهائمة والمختطفة والمحبوسة فى الأدراج.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة