أحبطنا قداسة البابا شنودة مرتين، مرة فى عظته الأسبوعية، الأربعاء قبل الماضى، والأخرى الأربعاء الماضى.
قال قداسته، إن أسقف الجيزة لم يعتذر للمحافظ على أحداث العمرانية، مع أن الشغب يستلزم الاعتذار، فى عظته نط من فم قداسته تعليقا على أحداث العمرانية "إن طرفا هو الذى استفز مشاعر الأقباط، فخرجوا بالسنج والمطاوى أملا فى رد الاعتبار"، فتجاهل قداسته أن "تحضير المولوتوف".. وسن السيوف الطويلة لإعادة الاعتبار.. لا تمنح الاحترام.
تغير البابا.. ولا نعرف ما الذى غير قداسته.. ولا ما الذى غير مفردات قداسته، ولا ما الذى حول ألوان لغة قداسته بما لم نعهده من الحبر الجليل منذ الثمانينات.
احتد فكر قداسة البابا، فمال إلى إظهار الأمر على أنه خلاف بين "أقباط".. ورعايا الدولة من موظفى المحليات.. مع أن هذا لم يكن صحيحا.
أدهشنا قداسة البابا، وهو لم يفعل طوال ثلاثين عاما، هو دافع عن الذين خرجوا بـ "السافوريا" وآلات ذبح البهائم، يعرون أجسامهم، ويدهنوها بالزيت استعدادا لـ "حرب شوارع" مع موظفى الدولة، مع أن هؤلاء لا يمكن أن يحبهم المسيح عليه السلام.. لا ينظر للذين يفتون فى عضض "وطن" بإحالته إلى حرب طوائف لم تكن مطروحة، ثم إن الذين ظهروا فى صور أحداث العمرانية، ظنا منهم أنه وقت إعلان المسيح عن نفسه.. لا يمكن أن يكونوا قد استوعبوا وصايا المسيح.
لا نعرف لماذا برر قداسته القتل على الظن، والخروج على النظام، ولا نعرف لماذا طالب قداسته فى عظته إطلاق سراح المتهمين؟ والذى لا نعرفه أيضا، لماذا يحاول قداسته إرساء سجال كبير فى ملف يعتبره هو طائفيا، مع أن شكله الجنائى أقرب للتكييف القانونى بالنسبة لرجال القضاء.. وتعاليم المسيح!.
قال عليه السلام "باركو لأعينيكم"، وفى العمرانية خرجوا بالسلاح على الذين لم يلعنوهم ! وقال عليه السلام "اغفروا للمسيئين إليكم"، وفى العمرانية اعتقدوا فى إساءة لم تحدث فخرجوا باليد خالية و مليئة مع أن أحدا لم يمنعهم الدين.
لماذا يصر قداسة البابا على الاعتقاد فى أن أحداث "العمرانية" كانت "شطحة" من مؤمنين، مع أن دعاء المسيح عليه السلام "لا تدخلنا فى تجربة"!.
لم يكن الصراع طائفيا فى العمرانية، والذين يطالب قداسة البابا بالافراج عنهم، كان أولى أن يخرجوا فى مظاهرة على أبواب مجلس الشعب لسرعة استصدار قانون دور العبادة، أو أن يدخلوا البطركخانة فى العباسية بمسيرة سلمية، فيسألوا قداسته ما الذى فعله بمواد المشروع، وإلى أى مدى استطاع رؤساء الطوائف المسيحية التوفيق فيما شجر بينهم من خلاف حول مواده.. ثم هم لا ينظرون!.
لم تكن أحداث العمرانية اضطهادا، رغم أن الكثيريين يحبون أن يلوكوا تفاصيلها بالألسن حبهم لـ "البسبوسة أم قشطة".
وإذا كان اضطهادا، فالمسلمون مضطهدون أيضا، وإذا كانت محنة، فقيادات الجماعات الإسلامية الجهادية بالسجون منذ أول التسعينات فى محنة هم الآخرون.
لكن لا هؤلاء بررة.. ولا هؤلاء قديسون.. فالذين أدخلوا السجون من عناصر الجماعات الجهادية، أذوا الله ورسوله.. وأفسدوا فى الأرض، وقتلوا الأبرياء أمام وزارة الداخلية وفى الأقصر.. ثم قالوا إنما نحن مصلحون، والذين احتجزوا فى أحداث العمرانية، لم يكن لهم فى المسيح.. أسوة حسنة، قبل أن يعود كبيرهم فيسأل بأى ذنب .. وبأى جريرة يأخذون!.
لم يكن قداسة البابا موفقا فى عظته الأسبوع الماضى، ربما هى آلام المرض.. وربما هى كثرة الحضور التى حركت فى نفسه ما يتحرك فى نفوس الزعماء بالمؤتمرات الجماهيرية.. فيدعون إلى ما يحب الناس أن يسمعوا.
حسب رجل الدين كلماته، فالذى يقوله الناس على المقاهى، ليس كالذى يقوله الكاهن فى الهيكل.
الذين حاربوا فى العمرانية.. ليسوا رعاياك يا قداسة البابا، فقد خرجوا على الوطن.. وعلى تعاليم المسيح، مع أن قداسته.. من هذا الوطن.. ومن رعايا المسيح !.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة