من المؤكد أن ما يجرى الآن وخلال الساعات القادمة فى جولة الإعادة لانتخابات مجلس الشعب، هو نفسه ما جرى فى الجولة الأولى، خاصة وأن السادة البلطجية والمسجلين حصلوا على هدنة والتقطوا أنفاسهم واستعادوا لياقتهم البدنية والإجرامية، لإعادة ممارسة دورهم الطبيعى فى العملية الانتخابية. وهو دور أصبح يميز برلمانات مصر الأخيرة التى تكون غالباً ناتج تفاعل البلطجة مع المال مع إلقاء أحكام القانون جانباً. سوف يذهب البلطجية والهتيفة والمسجلون، ولن يذهب الناخبون، لأنهم يعرفون النتيجة.
مجلس الشعب القادم يبدأ ضد القانون والدستور، لأنه ينعقد وهناك مئات الأحكام القضائية صدرت ولم ينفذها، وبينما تجرى الجولة الأولى لحرب المرشحين تتوالى أحكام المحكمة الإدارية ببطلان إجراء الانتخابات فى دوائر بسبب عدم إدراج ناخبين، أو تلاعب فى الجداول وتسجيل أموات، ومع ذلك أصرت الحكومة واللجنة العليا للانتخابات على إجراء "العملية"، بالرغم من حكم القضاء الإدارى وعادت المحكمة الإدارية لتؤيد أحكام وقف الانتخابات وتؤكد بطلان ما أسفرت عنه من نتائج. وآخر هذه الأحكام بطلان إعادة الانتخابات فى دوائر المطرية وعين شمس وشبرا ومهمشة والجمالية ومنشأة ناصر وحدائق القبة فى محافظة القاهرة، ودائرة الهرم والعمرانية بمحافظة الجيزة، ودوائر العياط وأوسيم والبدرشين والحوامدية والدائرة الثالثة بمحافظة 6 أكتوبر.
وهناك عشرات الأحكام من المحكمة الإدارية أبطلت إجراء الانتخابات، وأخرى أبطلت نتائج الانتخابات بعد إثبات التلاعب، وكل يوم منذ بداية التقدم للانتخابات تصدر محاكم القضاء الإدارى أحكامها بالبطلان. ومن الطبيعى أن تنفذ الحكومة بصفتها السلطة التنفيذية هذه الأحكام، لكنها لم تفعل، وتوالت الأحكام لنكتشف أن نصف الدوائر التى جرت فيها الانتخابات باطلة، والنصف الآخر أسفر عن نتائج باطلة.
لكن الحكومة لم تنفذ والحزب الوطنى نصب الأفراح بفوز مرشحيه فى جولة المصارعة الأولى، ويتوقع أن ينعقد مجلس الشعب، بينما هو باطل بحكم القضاء.
وسوف يستند البرلمان على المبدأ العجيب الذى اخترعه الدكتور فتحى سرور، رئيس المجلس، وهو أن المجلس سيد قراره، وهو المبدأ الذى أهدر مئات الأحكام ببطلان عضويات نواب الوطنى خلال سنوات، وهو المبدأ نفسه الذى دفع المجلس الموقر للتخلص من المعارضين بتطبيق نفس سيد قراره.
البرلمان القادم تقريبا باطل قبل أن يبدأ، ومع هذا يستعدون لعقده واستخدامه فى استخراج قوانين معينة، ثم إلقائه فى سلة المهملات. مع أن ما بنى على باطل فهو سيد قراره.