سيب بلاتر رئيس الاتحاد الدولى لكرة القدم يقف على المنصة فى زيورخ مساء الخميس الثانى من ديسمبر 2010.. وأمامه فى القاعة أكثر من ألف مدعو بينهم نخبة من رجال السياسة فى العالم من الحاليين والسابقين.. وفى يده مظروف أبيض كبير.. وبداخله اسم الدولة المنظمة لنهائيات كأس العالم لكرة القدم لعام 2022.
بلاتر فتح المظروف.. وبأداء تمثيلى أخرج البطاقة البيضاء الداخلية ببطء شديد مضيفا كل أنواع الإثارة والتشويق على الحدث المثير أصلا.
وأخيرا ظهر الاسم ونطق اللسان.
قطر تنظم كأس العالم 2022.
هى اللحظة الأعظم فى تاريخ الرياضة العربية على مر العصور.. وربما الأهم رياضيا فى تاريخ منطقة الشرق الأوسط أيضا.
العرب لم ينظموا أى حدث رياضى ضخم على مر العصور.. ومنذ انطلقت دورات الألعاب الأوليمبية عام 1896 فى أثينا وحتى الدورة الأخيرة فى بكين عام 2008.
وكأس العالم انطلقت فى أوروجواى عام 1930 ونظمتها جنوب أفريقيا عام 2010 ودائما العرب بعيدون عن حقوق الاستضافة.
وأخيرا انتهى الجفاف وأمطرت السماء بالخير على العرب والبداية فى قطر.. والقادم أحلى بإذن الله.
الفرحة العارمة لكل قطرى وكل عربى أكدت أن التخطيط الصحيح والعمل الجماعى يحققان أصعب المهمات وأكثرها تعقيدا.
قطر تستضيف نهائيات كأس العالم لكرة القدم.. مجرد فكرة قفزت إلى رأس القطرى محمد بن همام رئيس الاتحاد الآسيوى لكرة القدم.. ودرسها من كل زواياها بإتقان وعلم وموضوعية وصراحة.. ووجد أن الفرصة موجودة مهما كانت بعيدة أو صعبة.
واتجه على الفور إلى كبار رجال الدولة فى قطر.. واقتنع الأمير حمد بن خليفة بالفكرة وتحمس لها.. وبدأت اللجان فى الدراسة والتخطيط سرا.
ما هو التوقيت المناسب للتقدم بالطلب؟
ما هى العناصر التى تحقق النجاح؟
ما هى المعايير المطلوبة لتقديم ملف قوى؟
ما هى عناصر الإبهار التى يمكن أن تمنح قطر هامش التفوق على منافسيها فى السباق؟
من هم الأشخاص العالميون من نجوم الكرة والرياضة الذين يمنحون قطر والملف فرصة الانتشار والاقتراب من عقول وقلوب الناس خارج البلاد؟
من هم الأشخاص الذين يملكون حق اتخاذ القرار لاختيار الدولة المنظمة لكأس العالم؟
كل سؤال له نفس درجة الأهمية.. وله مجموعة من المتخصصين لدراسة كل الإجابات والاحتمالات. اختاروا تنظيم كأس العالم 2022.
تركوا أمامهم فترة 15 عاما منذ لحظة إعلان رغبتهم فى التقدم للتنظيم وحتى موعد الانطلاق.. وانتهى الأمر مساء الخميس الماضى بفوز ساحق على أربع دول عملاقة اقتصاديا ورياضيا.. اليابان وكوريا الجنوبية واستراليا والولايات المتحدة التى تقدم بعثتها فى زيورخ رئيسها السابق بل كلينتون.
حصلت (بجلالة قدرها وفلوسها ونجومها واسمها وتاريخها ونفوذها وسلاحها) على 8 أصوات فقط مقابل 14 صوتا لقطر.
سبحان الله.. قطر فى محاولتها الأولى لتنظيم كأس العالم فازت ونالت 14 صوتا.
ومصر فى محاولتها الأولى لتنظيم كأس العالم 2010 خسرت خسارة مذلة ونالت صفرا.
صفر المونديال الأشهر فى التاريخ.
قطر التى لم تشارك مطلقا فى نهائيات كأس العالم فازت.
ومصر التى تأهلت لكأس العالم مرتين 1934 و1990 فشلت.
قطر التى عرفت ولعبت كرة القدم فى الخمسينيات للمرة الأولى ولم تدخل الفيفا إلا بعد سنوات أخرى نجحت وتنظم المونديال.
ومصر التى مارست كرة القدم فى القرن التاسع عشر ولعبت دوليا فى أوليمبياد انفرس 1920 فشلت ونالت صفرا.
قطر التى لا يزيد سكانها جميعا على سكان أحد أحياء القاهرة والتى لا تزيد مساحتها على إحدى محافظات مصر نجحت.. ومصر المليئة بالبهوات، الغزيرة بالسكان، والواسعة فى مساحتها فشلت.
لماذا نجحوا ولماذا فشلنا، وما هى الفوارق؟
التخطيط فى قطر والفهلوة فى مصر.
العلم فى قطر والثقة فى مصر.
الشفافية فى قطر والفساد فى مصر.
مسألة بالغة الوضوح أمام الجميع.
لم يبحث المسؤولون فى قطر الطرق الملتوية لتحقيق المصالح الشخصية ولم يختاروا أقاربهم وأصدقاءهم.. ولم ينظموا المهرجانات داخل قطر بل ذهبوا خارجها.
لم يصرف القطريون الملايين لعمل اللافتات والفانلات والأعلام لتوزيعها فى القرى والنجوع والمدارس كما فعلنا فى حملة مونديال 2010.
أميرهم وزوجته ورئيس الوزراء وكل كبار مسؤولى قطر كانوا فى حفل الاختيار فى زيورخ.
ونحن أرسلنا طفلا صغيرا لمجرد أنه يتحدث الانجليزية بطلاقة.
المونديال فى قطر.. ألف مبروك.
والصفر لايزال جاثما على صدور المصريين.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة