قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، من خاف الله خافه كل شىء.. وبالعكس من لم يخف من معصية الله لم يخفه شىء، ولم يهبه شىء ولم ينل احترام أحد حتى الطفل الصغير، فالذنوب والإصرار عليها تطفئ نور القلب، ونور الوجه، ونور العقل. قال سيد الخلق «المؤمن مرآة أخيه» فالمذنب يرى نفسه فى عيون وصدور إخوانه من المؤمنين، فإن أدرك هول الذنب وحجم المعصية ارتدع وخشع وندم وتاب عما ارتكب.
وقال أبواليزيد البسطامى رضى الله عنه وهو من كبار المتصوفة «كل من فنى فى الحق أدرك حقيقة كل ما هو موجود» والذى فنى فى حب الذات المقدسة لا يرتكب ذنبا ولا إفكا إنه يحب الله وكل ما يأتى به الله فهو خير لأنه يأتى من المحبوب وكل ما يأتى من المحبوب نعمة ورزق طيب.
وكما تنفر الأرواح من المذنب المصر على ذنبه تهرع الأرواح إلى العبد الصالح النقى الطاهر، فواحد محبوب وواحد مبغوض، وكل ردود الأفعال تجاه العاصى والطائع تأتى من الفطرة ومن القلب والروح معا، والحقيقة أن الطيور على أشكالها تقع، فأهل النور زمرة واحدة والمصرون على المعاصى جماعة واحدة.
ويقول سيدى أبو الحسن الشاذلى رضى الله عنه فى مناجاته: «اللهم إنا نسألك التوبة الكاملة والمغفرة الشاملة والمحبة الكاملة الجامعة والخلة الصافية..» والتوبة الكاملة هى التوبة التى لا يتبعها ذنب متعمد وإصرار عليه وحبها ولذلك يقول سيدى أبو الحسن الشاذلى رضى الله عنه فى دعائه: «اللهم نسألك التوبة ودوامها ونعوذ بك من المعصية وأسبابها فذكرنا بالخوف منك قبل هجوم خطراتها واحملنا على النجاة منها ومن التفكر فى طرائقها وامح من قلوبنا حلاوة ما اجتنيناه منها واستبدلها بالكره لها..» وكما تنجذب الملائكة والأرواح الطاهرة إلى التقى تنجذب الشياطين والأرواح المظلمة إلى العبد المصر على الذنب.. اللهم احفظنا من الذنوب و الإصرار عليها آمين.