حرمتنى وعكة صحية من الكتابة، والتواصل مع القراء ثلاثة أيام، فمعذرة وعودة إلى قراء أحبهم، وقلم يسرق عمرنا وأدعو الله أن يكون بفائدة، وكنت اعتزم العودة بالتفاعل مع الاقتراح الذى تقدمت به حول تكوين رابطة لقراء اليوم السابع، وأجلت ذلك إلى الغد، غير أن هناك خبراً استفزنى كثيرا وهو دعوة الأستاذ مايكل منير إلى حذف القرآن الكريم من المناهج التعليمية فى المدارس.
دعوة مايكل منير الذى يتزعم منظمة "أقباط الولايات المتحدة الأمريكية" جاءت فى مؤتمر انعقد فى هولندا فى اليومين الماضيين، وهى دعوة مستفزة لا تحقق سوى التطرف.
يعيش الأستاذ منير فى أمريكا، وعلى راحته يتحدث عن اضطهاد الأقباط فى مصر، ويستكمل منظومة اقتراحاته للعلاج باقتراح إلغاء القرآن الكريم من المناهج التعليمية، يقدم اقتراحه بكل بساطة ولأنه يتحدث عن مصر التى لا يعرفها، نقول له إن هذا الاقتراح من نوعية الاقتراحات التى تصنع التطرف ولا تقضى عليه، وأقول ذلك وأنا أحمل قناعة كتبتها فى مقالات سابقة وهى أن المواطنة وليس الدين هى التى يجب أن تسود فى العيش بين المسلمين والمسيحيين فى مصر، وتحدثت عن قصص للمعايشة على هذا الأساس فى قريتنا بمحافظة القليوبية، وتحدثت عن نماذج مشرقة فيها من المسيحيين، والخلاصة أننى حين أنتقد دعوة الأستاذ مايكل منير فإن نقدى يأتى من باب المحبة للمسيحيين والاعتزاز بدورهم فى مسيرة وطننا.
ماذا ينتظر الأستاذ مايكل ومن يؤيده فى هذه الدعوة من رد فعل من المسلمين؟ هل يتصور مثلا أنهم سيقولون له "أنت بالفعل على حق والحكومة هى المخطئة"، أم سيردون على الأستاذ مايكل بدعوات أكثر عنفا؟
من الطبيعى أنهم سيرمون أنفسهم فى حضن الحكومة أكثر التى ستتجاهل دعوة مايكل، وبالتالى ستتحول هذه الحكومة التى ينتقدها مايكل إلى بطل فى نظر المسلمين، وتذهب انتقاداته سدى، بالرغم من أنها تحمل فى بعضها أشياء معقولة مثل عدم إصدار قانون موحد لبناء دور العبادة، ومثل رفضه للتمييز على أساس الديانة.
اقتراح مايكل يفتقد إلى فهم صحيح للقرآن الكريم الذى يحض على التسامح، ويكرس لفتنة، وأقول له إن القضية ليست فى تدريس القرآن الكريم، فقد كان تدريسه أشد فى سنوات سابقة ومع ذلك لم تشهد مصر فتنة طائفية، بالعكس خرج أزهريون مع قساوسة فى مظاهرات ضد الاحتلال الإنجليزى، وشارك مسيحيون ومسلمون حفظوا القرآن فى حروب مصر ضد إسرائيل وراقت دماؤهم فى سيناء، ولم نشهد وقتها فتنة طائفية، وبالتالى القضية ليست فى وجود قرآن كريم فى بعض المناهج التعليمية وإنما فى أسباب أخرى أدعو الأستاذ مايكل أن يتأملها جيدا.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة