حقيقة لا أعرف مكان الخط الأحمر الذى يتحدث عنه الرئيس وتتفاخر به صحف الحكومة على صدر صفحاتها الأولى وتتنازل عن وقارها المزعوم وتقوم بتلوين ذلك العنوان "الرئيس يؤكد أن أمن مصر خط أحمر لا يمكن المساس به" باللون الأحمر كنوع من التناسق اللونى وزيادة فى قدسية الخط المصون ولم تأخذنى الجلالة ولم أهرول نحو مدرسى الجغرافيا لأسألهم عن مكانه ولم أبحث فى الخرائط المصرية ولا العالمية، خاصة عندما أدركت أن الرئيس نفسه لا يعرف لذلك الخط مكانا فهو يحركه ويرفعه كل مرة حسب الأحداث وحسب طبيعة الكارثة، وأحيانا أشك فى وجود هذا الخط الأحمر أو أتعامل معه على أنه خط وهمى مثل خطوط الطول والعرض.
أمن مصر الذى يقسم الرئيس دائما بأنه خط أحمر لا يمكن تجاوزه تدوسه الأقدام كل يوم وليلة من الداخل والخارج والمتابع للأحداث منذ تولى الرئيس الحكم قد يدرك مدى البهدلة التى تعرض لها أمن مصر ومدى حالة الرعب التى يعيشها المواطنون ومدى الشطب والمسح الذى تعرض له الخط الأحمر الذى يعبر عن سلامة مصر وسلامة أهلها، فمنذ عام 81 19 والجماعات الإرهابية تتجاوز هذا الخط الأحمر وتضطرب الأمور فى مصر ويروح ضحية تلك الحوادث المئات من المصريين والأجانب ووقتها يظهر أحدهم ليقول إن الرئيس يقصد بأمن مصر أنه لا يمكن لدولة أجنبية أن تهدد مصر وتعتدى عليها، وفجأة تجد تهديدات من إسرائيل بضرب السد العالى ويعيش الناس فى حالة رعب وتنتشر التساؤلات بينهم "هو ممكن فعلا يضربوا السد العالى والبلد تغرق" فى شكل يعكس عدم الثقة بفكرة الأمن والخط الأحمر التى يتحدث عنها الرئيس وليست إسرائيل وحدها بل التهديدات المستمرة التى تتلخص فى تحكم دول حوض النيل فى حصة مصر من المياه.
الأمن المركزى الذى يحمى مصر وخطها الأحمر والمسئول عن أمن مواطنيها وسلامتهم هو بنفسه انتهك الخط الأحمر ومسحه بأستيكة عام 1986 فيما عرف وقتها بانتفاضة جنود الأمن المركزى وما أحدثوه من حالة فوضى ورعب فى الشوارع عن طريق حرق السيارات وتدمير المحلات وإثارة الذعر فى الشوارع.
ثم يأتى آخر ليقول إن أمن مصر وخطها الأحمر الذى يقسم به الرئيس دائما يتعلق بوحدة مواطنيها وتماسكهم وفى عصر نظام الحكم الحالى تجاوزنا كل الخطوط الحمراء لأمن مصر بفتنة طائفية نائمة تحت النار تستيقظ لتصيب الناس بالذعر مرورا بأحداث الكشح ومحرم بيك وأحداث الإسكندرية وكارثة نجع حمادى الأخيرة، أى أمن فى ذلك وأى خط أحمر وكل مواطن فى مصر ما عاد يأمن أن يصلى فى مسجده أو كنيسته وهو أمن من طعنة سكين، هو إذا أمن منتهك ولا خط أحمر له فكل من هب ودب يملك "أستيكة" لشطب هذا الخط وليس مجرد لمسه أو المساس به وحتى لو كان هذا الخط الأحمر الذى يقصده الرئيس فى خطاباته هو الأمن الشخصى للرئيس أى أن أمن الرئيس وسلامته خط أحمر لا يمكن مساسه، فتلك كذبه لأن الرئيس نفسه تعرض لأكثر من محاولة اغتيال وحياته فيها كانت قاب قوسين أو أدنى من النهاية ولعل أشهرها حادث أديس أبابا.
إذا لا أحد فعلا فى مصر يستطيع الإجابة عن هذا السؤال الشائك الذى يقول "أين يقع الخط الأحمر الذى يقسم الرئيس دوما بأنه لا يمكن المساس به؟" حتى رجال الحكم أنفسهم لا يعرفون عن الخط الأحمر سوى أنه ذلك الخط الوهمى المطاطى الذى يتم شده وجذبه ورفعه وخفضه واستغلاله بجانب قانون الطوارئ للسيطرة على الوضع فى البلد، بحيث يظل دائما فى صالح الناس اللى فوق.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة