يعتبر الإصلاح السياسى والدستورى فى مصر ضرورة حتمية، وهذه حقيقة تدركها كل القوى السياسية والمجتمعية، بل إن الحكومة والدولة وأجهزتها تدرك هذه الحقيقة أيضاً، وتؤكدها الأسئلة المتعاقبة من قوى دولية ومراكز بحثية حول مستقبل مصر وانتقال السلطة فيها، وطبيعة التعديلات الدستورية، وهل قدمت حلولا أم أنها خلقت مشاكل أكثر من أنها حلول للمشاركة فى إدارة الشأن العام؟ وبشكل خاص الحق فى التنافس والترشيح لمنصب رئيس الجمهورية، وفى ذات الوقت هناك نقاط أخرى مهمة أيضاً، منها بالطبع مدة رئاسة الجمهورية وضرورة تحديدها بفترتين فقط، الأمر الذى يتطلب إعادة النظر فى المادة 77 من الدستور، بحيث يصبح الحد الأقصى لرئيس الجمهورية أن يبقى فى منصبه فترتين، وهى بالفعل ضمانة لاستقرار الوضع السياسى فى مصر وتداول السلطة، لاسيما وأن النظام السياسى هو نظام رئاسى، وبالتالى فمفهوم التداول يستند بالأساس إلى التغير فى رأس الدولة.
النقطة الثانية الهامة وهى حق الترشيح لرئاسة الجمهورية من المستقلين، فبالفعل تعديل المادة 76 من الدستور برغم أنه قد أعطى للأحزاب الحق فى الترشح لرئاسة الجمهورية للحزب الذى يملك مقعدا واحدا فى مجلس الشعب لدورتين قادمتين أى فى العشر سنوات القادمة، إلا أن النص الدستورى يبدو وكأنه سد الطريق أمام المرشحين المستقلين من حق التنرشيح، وبالتالى شكلت هذه المادة عقبة أمام إمكانية ترشيح شخصيات مستقلة لمنصب رئيس الجمهورية، ويتجلى هذه المأزق عندما تكون أغلب الأحزاب القائمة غير مستعدة لتقديم مرشح حقيقى لمنصب الرئيس وقادر على خوض منافسة حقيقية، فيكون المستقلين مصدراً لكوادر فاعلة وقادرة على التنافس على هذا المنصب الهام فى النظام السياسى المصرى. فمسألة جمع أكثر من 250 توقيعا من شخصيات منتخبة فى المجالس الثلاثة المنتخبة يكاد يكون مستحيلا، فى ظل حقيقة أن أغلب الثلثين فى مجلسى الشعب والشورى هم من أعضاء حزب الأغلبية، فالافتراض بإمكانية جمع هذه التوقعات هو افتراض مستحيل تحققه، لذلك لكى يكتمل الإصلاح السياسى والدستورى فإنه لابد من تعديل المادة 76 بما يساوى بين المرشحين المستقلين والمرشحين الحزبيين، ذلك فى حالة إذا كان هناك حد أدنى للمرشح الحزبى فى المرحلة الانتقالية بالحصول على توقيع عضو واحد، فنقترح هنا حصول المرشح المستقل على مقعد واحد فى العشر سنوات القادمة، بالإضافة إلى دعم توقيع ألف مواطن ممن لهم حق الانتخاب، فلماذا ألف؟ وأنا هنا قد أخذت النسبة المطلوبة لإنشاء حزب سياسى كمعيار للمساواة فى القواعد، فقد يقال إن المرشح الحزبى قد خلق حزبا سياسيا يدعمه، فلكى نساوى بين المرشحين فى شروط الترشيح، نطلب من المرشح المستقل جمع توقعات تساوى الحد الأدنى لتشكيل حزب سياسى. وهنا نكون قد وضعنا قواعد متساوية وفتحنا الباب أمام المصريين كافة للتنافس على هذا المنصب الهام، وبما يحقق الاستفادة القصوى من قدرات أبناء مصر سواء كانوا حزبيين أو مستقلين.
وأخيراً، فإن تعديل المادتين 76 و77، هو الطريق لإكمال الإصلاح السياسى والدستورى المنقوص فى مصر. ويضاف إلى ذلك تفعيل المادة الأولى من الدستور المعنية بالمواطنة، وكذلك المادتين 88 و179. وهذا ما سنكمله الأسبوع القادم.
الأمين العام للمنظمة المصرية لحقوق الإنسان
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة