يظل أسوأ ما فى 2010، أنه يفصلك بشهور عن 2011، بما فيه من أحلام التغير عبر صندوق الاقتراع، ويظل أكثر ما يميز 2011، أنه يحمل للمعارضة ـ بحكم الزمن ـ فرصاً أفضل عما مضى.
ما كانت شرعية أكتوبر لتؤمن استمرار مبارك فى الحكم ثلاثة عقود، لكن هذا ماجرى، ودفعتنا الآن إلى مفترق طرق ليست بالممهدة: إما التمديد لتلك الشرعية، رغم انتهائها منذ اغتيال أنور السادات وتأكد موتها بعد فشل جدوى الرهان على أمريكا، من كارتر إلى أوباما.. وهنا يضمن تمديد مبارك، الذى أكد بقائه فى الحكم "طالما هناك قلب ينبض"، قدراً لا بأس به من استقرار المشهد، لكنه لن يتوفر فى الكواليس، وإما تمرير مخطط التوريث، الذى لن يلقى استحسان كثيرين، لا سيما التيار الإسلامى، الذى قد يقابل الأمر بما هو أكثر من الاحتجاج والتظاهر، وإما صعود التيار الإسلامى نفسه لسدة الحكم، بالانتخاب أو الانقلاب.. أو وصول د.محمد البرادعى للسلطة، مدعوماً من قوى المعارضة وعلى رأسها حزب الغد.
أياً كان الوافد الجديد لقصر القبة، سواء استمر ساكنيه فى صدارة المشهد، أم جلس على عروشة الإسلاميين، أو ذلك القادم من فينيا بأمال التغير.. يظل أخطر ما فى 2011، هو صباح اليوم التالى للانتخابات الرئاسية، وكيف سيتقبل الشعب الذى أدمن الثبات، الوافدين الجدد؟ وكيف سيبرموا عقداً إجتماعياً جديدا، ربما تقطر سطوره حبراً ودماً، بعد أن وصلنا إلى مرحلة يكون فيها التغير قاسماً، وأشد ألماً من الجمود.
يدفعنى 2010 إلى إمعان النظر أكثر للمعارضة، التى أراها أكثر اقتراباً من كرسى السلطة، بحكم الزمن لا بحكم الكفاءة أو الأحقية.. فلا وجود حالياً لزعيم حزب الغد، أيمن نور، الذى أثر الاعتراف ضمنياً أنه لا يستحق المنافسة على السلطة مرة أخرى، ووظف كل إمكانيته لدعم د.محمد البرادعى الذى لا أشكك فى نزاهته، بقدر ما تظل قدارته محل جدل، فهو تجاوز الـ70 من عمره، وعاش غالبية سنواته خارج هذا البلد، وهاجس وصوله للحكم يذكرنى تماماً بوصول محمد على إلى السلطة، بعد أن آمن ساسة مصر آنذاك، شأنهم شأن نور، أنهم ليسوا كفءً لممارسة السلطة، وآثروا أن يحكمهم تاجر دخان ألبانى، كان إصلاحياً نعم، لكنه لم يكن مصرياً.
تكتل (البرادعى ـ نور) الذى يحتل جزء كبير من معسكر المعارضة المصرية يذكرنى أيضاً بعلاقة الإخوان بتنظيم الضباط الأحرار، فكلاهما تعاون لإسقاط الملك، ليبدأوا بعد نجاحهم عهداً من العداء الدامى، كاد جمال عبد الناصر أن يدفع حياته ثمناً له فى حادث المنشية، ودفع الإخوان فى المقابل الثمن اعتقالاً وتعذيباً على مدار عقوداً طويلة.. فلا أتصور أن نور سيكون ذلك السند الذى يدعم البردعى رئيساً، ويقبل العيش تحت ظله.
ملتحون، وعقول ملتحية.. تلك ستكون معالم البديل الإسلامى ممثلاً فى تيار الإخوان المسلمين، الذى فقد أخر آمال المدنية بسقوط د.عبد المنعم أبو الفتوح، وصعود د.بديع على رأس مكتب الإرشاد، فقيادات الجماعة غير مرحب بها فى السلطة من جانب الأقباط، وقطاعاً لا بأس به من مسلمى هذا البلد.. وكذلك فإن الجماعة لا تمتلك حلولا للتحديات التى تواجهة المصريين وعلى رأسها الملف الطائفى، والمواطنة وغيرها.
وسط ذلك، يقف الثلاثة الكبار (الوفد ـ التجمع ـ الناصرى) عن مفترق طرق، أيضاً ليست ممهدة.. فكوادر وفدية، اختارت السير خلف البرادعى، ودعت لانضمامه للحزب، بينما أعلن التجمع امتناعه عن خوض الانتخابات، فيما الناصريون متفقون على ألا يتفقوا، يحكمهم كهلاً يداهمه المرض، وتشغلهم صراعات بين النائب الأول لرئيس الحزب سامح عاشور، والأمين العام أحمد حسين على أحقية الترشح للانتخابات الرئاسية.
2010 يظل فى تقديرى "سفينة نوح" التى ربما يقتل راكبيها بعضهم البعض قبل بلوغ 2011، الذى يستحق ما هو أفضل من هؤلاء الركاب.. فهل تحمل الشهور المتبقية من عامناً مسافرين جددا لبلوغ 2011 بشكل أفضل.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة