نائب الشورى الدكتور طلعت الديب قال أمس تحت قبة البرلمان، إنه كشف عن سمسار لقرارات العلاج على نفقة الدولة وأبلغ عنه، وكانت النتيجة لا شىء، واستمر السمسار بممارسة عمله فى استخراج وتوريد قرارات العلاج لقاء نسبة محددة هى 20% من قيمة قرار العلاج، فإذا كان القرار مثلاً خمسين ألف جنيه يكون نصيب الأستاذ السمسار منها 10 آلاف جنيه.
المفاجأة أن الدكتور طلعت اعترف صراحة بأنه لما وجد السمسار أقوى من الساهرين على القانون وتنفيذه، استعان به فى استخراج قرارات العلاج نظير النسبة المحددة التى يتقاضاها.
هل تصدقون ذلك؟ هل أصبحت قرارات العلاج على نفقة الدولة سبوبة للسماسرة و"المشهلاتية" ينهبون منها على حساب المرضى الفقراء، وهل غابت الرقابة لدرجة أن يقوم نائب بالشورى بالإبلاغ عن السمسار هذا.. فلا يحدث له شىء؟ وهل وصل بنا اليأس لدرجة الكف عن المقاومة أو الاعتراض أو حتى الاستهجان والتعامل مع السماسرة واللصوص والنهابين باعتبارهم هم الأمر الواقع؟
بالمناسبة رفضت لجنة الصحة بمجلس الشعب أمس قرارات الدكتور حاتم الجبلى بوضع سقف مالى لقرارات العلاج على نفقة الدولة لكل نائب بالشعب والشورى، وطالبت بالموافقة على قرارات العلاج المتأخرة بدعوى أن هناك العديد من المرضى الفقراء فى دوائر النواب لا يجدون العلاج، وقد يكون ذلك صحيحاً، لكن علينا أن نسأل: كم سمسار سيستفيد من قرارات العلاج هذه، وهل ستصل قيمتها إلى المرضى المحتاجين فعلاً ؟
نقطة ثانية يجب طرحها فى هذا السياق الخلافى بين لجنة الصحة فى البرلمان ووزارة الصحة حول الموضوع نفسه، لماذا تزايدت الحاجة لقرارات العلاج على نفقة الدولة؟ الإجابة تتمثل فى ضعف الرعاية الصحية بل انهيارها بالنسبة للأغلبية من عموم المواطنين فى المدن والقرى والنجوع، هؤلاء الذين لا يعرفون سوى المستشفى العام الميرى..
ماذا جرى للمستشفى العام الذى كان منذ عقدين فقط يجرى أكبر العمليات وأخطرها فى جميع التخصصات ويوفر العلاج للمواطنين مجاناً أو لقاء مبالغ زهيدة .. ما حدث هو تراجع الرعاية الصحية شيئاً فشيئاً حتى أصبح المستشفى العام لا يستقبل مرضى ولا يوفر علاجاً، ولجأ المرضى الموظفون إلى مستشفيات التأمين الصحى، كما لجأ المرضى القادرون إلى المستشفيات الاستثمارية، ولم يجد المرضى الفقراء أمامهم سوى عيادات المساجد والكنائس حتى تحولت الرعاية الصحية للسواد الأعظم إلى شأن دينى!
وهنا أطرح سؤالاً آخر: لماذا لا توجه المبالغ المقررة للعلاج على نفقة الدولة لتطوير المستشفيات العامة؟ ولماذا لا تنتقل الولاية على المستشفيات العامة والمستشفيات الجامعية إلى المحافظين مباشرة؟ ويبقى للوزارة جانب الإشراف المهنى فقط؟
وفى هذه الحالة يمكن تطوير المستشفيات القائمة وفق ميزانية المحافظة وما يتوفر من ميزانية العلاج على نفقة الدولة، كما يمكن وضع خطط إنشاء مزيد من المستشفيات العامة ومراكز العلاج التخصصية بالمحافظات بما يحقق الرعاية الصحية المنشودة لجميع المواطنين.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة