مدحت قلادة

مسيحيو الشرق رهائن أم أصحاب وطن؟!

الجمعة، 19 فبراير 2010 08:13 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
الأقليات المسيحية بالشرق الأوسط جذورهم ضاربة بالمنطقة، آثارهم شاهدة على حضارتهم العريقة، عانوا من موجات عاتية من الاضطهاد والتنكيل، صمدوا صمود الزمن تحملوا الكثير من الظلم والاضطهاد، يعيشون الآن أقليات فى منطقة شهدت فى العصر الحديث تغييرات فى سلوكيات شركاء الوطن والإنسانية، قديما قبل ظهور الأديان عاش البشر بكود أخلاقى فى وئام اجتماعى، ومع التطور ومادية العالم حديثاً انعدم لدى الغالبية الكود الأخلاقى ليحل محله كود مؤدلج بأيديولوجية الكراهية التى اكتسحت المنطقة خاصة بعد الطفرة غير المتوقعة فى سعر برميل البترول، فاستطاع البدو السيطرة على الإعلام والميديا بالمنطقة وساعد ذلك مادية العالم فأصبح تعبير " Money before Morals" يسود العالم المتقدم والمتخلف على حد سواء فنشروا التطرف والتخلف أينما ظهروا وحولوا الحب لكراهية، والبسمة لدمعة، والضحكة لبكاء وعويل، فمسلسل اضطهاد الأقليات المسيحية بالمنطقة يجرى بمعدل سريع لتتحطم لوحة الموزاييك الجميلة بالمنطقة ليصبح اللون الأسود هو اللون السائد طبقاً لفكر القائمين بعمليات اضطهاد مسيحيى الشرق والأقليات.

ولا يقتصر اضطهاد الأقليات المسيحية فى الشرق الأوسط فقط بل فى الشرق الأقصى أيضا، ففى دول الشرق الأوسط فى العراق لبنان، سوريا، مصر، السودان، فلسطين، والجزائر وسابقاً فى شبه الجزيرة العربية، وفى الشرق الأقصى كماليزيا وإندونيسيا وباكستان تعانى اضطهادا وتصفية كما فى دول أفريقيا إريتريا والصومال تعانى الأقليات المسيحية اضطهادا منظما من حكومات وأفراد على حد سواء وهناك دول ضالعة فى تمويل الاعتداءات على مسيحيى الشرق بهدف عدم استقرار المنطقة ودول أخرى بقوانين ظالمة وعدم تفعيل القوانين الحقوقية فى دساتيرها القائمة.

انخفاض أعداد مسيحيى الشرق:
كان عدد المسيحيين فى الناصرة وبيت لحم عام 1922 يزيد عن عدد المسلمين أما اليوم انخفض العدد وأصبح يقل عن اثنين بالمائة من السكان. كان يشكل عدد المسيحيين فى لبنان أكثر 55% من مجمل السكان عام 1932 وصل تعدادهم الآن إلى 29 بالمائة خاصة لكون لبنان أصبحت محل نزاع للسيطرة السنية أو الشيعية وما تفعله تلك الدول لنشر أيدلوجيتها فى لبنان. كان تعداد المسيحيين بالعراق مليون وربع مليون نسمة والآن وصل تعدادهم إلى عشرات الآلاف بعد تصفيتهم بعمليات الخطف والذبح والنحر والتفخيخ.. الخ المعتادة لجماعات الإسلام السياسى.

فى سوريا كان عدد المسيحيين لوقت قريب يساوى 33% من السكان فى القرن الثامن عشر والآن هجر الكثير من المسيحيين وأصبحت النسبة 9% بعد النشاط الدائم لجماعات الإسلام السياسى سوريا مع الأخذ فى الاعتبار مساحة التسامح من النظام السورى للأقليات المسيحية.

فى مصر يعانى الأقباط "أكبر أقلية دينية فى الشرق الأوسط" من اضطهاد منظم منذ انقلاب يوليو عام 1952 خاصة بعد أن قام الرئيس الراحل أنور السادات ببعث الحياة للإسلام السياسى لضرب الشيوعيين واليساريين فبعد مسلسل الاعتداءات المتكررة على أقباط مصر أصبحت قضية اضطهاد الأقباط ظاهرة للمجتمع الدولى، وعُقِد العديد من المؤتمرات المنددة باضطهادهم وشارك الاتحاد الأوروبى والكونجرس الأمريكى ومنظمات حقوقية عالمية وعدد كبير من الصحف العالمية التى أسهبت فى إيضاح اضطهاد أقباط مصر فوقع أقباط مصر ضحية بين رحى النظام والإخوان وزايد النظام والإسلام السياسى على اضطهاد الأقباط لكسب الشارع المتطرف.

تعود أسباب الاضطهاد لمسيحيى الشرق لعدة عوامل أهمها:
1- الثقافة الإسلامية الذمية والنظرة الدونية للآخر وأن الإسلام أفضل جميع الأديان ومن ابتغى غير الإسلام فهو من الخاسرين.
2- سعى الدول البترولية للهيمنة على المنطقة بنشر الأيديولوجيات الدينية المتطرفة وإنفاق عائدات البترول فى تخريب دول الجوار للهيمنة عليها.
3- اهتمام الدعاة الإسلاميين بالكم وليس بالكيف بتشجيع زيادة المواليد بين المسلمين مما حذا بأحد الدعاة الجدد ليصرح بأن الغرب يملك قنابل نووية ونحن لدينا قنابل الأرحام بزيادة النسل، سنحكم العالم... إلخ.
4- اكتساح الهوس الدينى لغالبية شعوب المنطقة تُحول النظرة لمسيحيى الشرق من أصحاب وطن إلى رهائن للغرب، خاصة بعد حروب الولايات المتحدة وتحريرها للعراق والحرب على أفغانستان.. الخ.
5- تلويث الأثير بالفضائيات المتطرفة وزيادة الجرعة الدينية فى دول المنطقة، خاصة القنوات الناشرة الكراهية والحقد للآخر.
6- تحول العبادة للمارسات شكلية مع ترك جوهر الدين.
7- القيود الصارمة على الفكر والإبداع وتدخل الدين فى كل كبيرة وصغيرة بدءا من دخول دورة المياه إلى فراش الزوجية.
8- تضامن الدول الإسلامية فى الأمم المتحدة بعضها لبعض انطلاقا من مبدأ "انصر أخاك ظالما أو مظلوما".
9- إفساد المجلس الدولى لحقوق الإنسان فى الأمم المتحدة بعقد صفقات بين الدول الإسلامية والديكتاتورية بمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، كما حدث الآن أثناء مساءلة مصر بمجلس حقوق الإنسان وظهور تواطؤ الدول العربية والديكاتورية مع مصر للتغطية عن اضطهاد الأقليات بها.

وتظل المشكلة الرئيسية فى فكر المتأسلمين الذين حولوا الأقليات من أصحاب وطن لرهائن، والدليل على ذلك مسلسل تصفية مسيحيى العراق بعد التحرير لاعتناقهم نفس دين الغرب، ومسلسل تصفية مسيحيى مصر باعتبارهم يتبعون الغرب، لذا ليس من الغريب أن يطلق فى صعيد مصر على القبطى لقب الخواجة "كناية عن أنه غربى"، كما أن معاناة مسيحيى فلسطين من إخوان غزة من حرق وسلب ونهب المكتبات السحية والكنائس بها دلائل تؤكد على اعتبار مسيحيى الشرق رهائن وليسوا أصحاب وطن فعملوا على تصفية وجودهم بكل الطرق غير الشرعية كما يعانى مسيحى الأقصى مثل ماليزيا وإندونسيا وكوريا الشمالية وباكستان.. الخ من اضطهاد وتصفية.

ومن هذا المنطلق صرح مهدى عاكف بأنه يفضل تركى أو ماليزى لحكم مصر خير من القبطى، وصرح سابقاً الشيخ صلاح أبو إسماعيل "بأن المسلم الهندى أقرب للمسلم المصرى من القبطى ومازالت النظم تزايد على اضطهادهم لكسب الغوغاء، مع غياب تام للقوانين الضامنة لحقوق تلك الأقليات بالإضافة للتعنت الشديد من الأجهزة الأمنية ضد المساواة لمسيحيى الشرق.

أخيراً تكمن المشكلة الحقيقية فى اعتبار الأنظمة والجماعات الإسلامية لمسيحيى الشرق أنهم رهائن وليسوا أصحاب وطن، بدليل بعد رفض التصريح ببناء المآذن علت الأصوات بالمعاملة بالمثل، أى هدم منارات الكنائس ومنع أجراسها فى مصر ودول المنطقة متناسين أن ما ينطبق على مسلمى أوروبا لا ينطبق على مسيحيى الشرق، فمسلمى أوروبا وافدين من أصول عربية وشرق أوسطية، أما مسيحيى الشرق ليسوا وافدين بل هم نسيح حى ايل لتراب تلك الأرض المقدسة المروية بدمائهم ودماء أجدادهم.

ملك صالح خير من شرائع عادلة "مثل دانمركى". تجربة مريرة علمتنى أن كل المعابد ليست بيوت الله فنوع كانت مسكونة بالشياطين، فدور العبادة ليست ذات قيمة إلا إذا حرسها رجل الله الخير "من أقوال غاندى".








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة