بالأمس وصلنا معا لنتيجة قد تقترب كثيرا من كونها كارثة وملخصها يقول إن التيارات السياسية فى مصر تستغل الشباب ولا تؤمن به، الأحزاب والحركات السياسية يتاجرون بأحلام الشباب دون أن يمنحونه خارطة لطريق الإصلاح والعمل السياسى الجاد الذى يصنع للمحروسة مستقبل أفضل، وبجوار تلك النتيجة الكارثية وصلنا لنتيجة أخرى ملخصها يقول إن للشباب وحدهم سواء كانوا فى كفاية أو الإخوان أو فى الوفد أو حتى الحزب الوطنى، الفضل فى إنعاش الحياة السياسية من جديد حتى ولو اقتصرت أغلب نشاطاتهم على شبكة الإنترنت.. لهؤلاء الشباب وحدهم فضل عودة الروح والنشاط للحياة السياسية فى مصر خلال السنوات الماضية، راجع تفاصيل مظاهرات الفترة الماضية، وراجع حالة النشاط الإلكترونى المعادى للدولة، وتابع حالة الجدل والمعركة المستمرة بين شباب الإخوان وشباب الحزب الوطنى على الإنترنت، وركز مع حملات شباب 6 أبريل وستضبط نفسك متلبسا بالفرح كثيرا لحماسهم ونشاطهم، وتندمج أكثر مع أفكارهم وأحلامهم، ولن تنزعج أبدا من حدوتة النضج الذى يتكلم عنها الكبار عمال على بطال، ولكنك بلاشك ستضع يدك على قلبك قائلا: (عليه العوض ومنه العوض)، ستدعو على الحكومة ومن فى الحزب الوطنى نفر نفر، وتطلب من السماء أن تلعن من فى أحزاب وحركات وتيارات المعارضة قائد قائد ومناضل مناضل، لأنك ستكتشف ببساطة أن هؤلاء الكبار الذين يعزفون على نغمة الشباب مستقبل البلد، قضوا على مستقبل البلد وجعلوه نسخة من حاضره، بعد أن نقلوا كافة أمراضهم لهؤلاء الشباب، ففى تصريحاتهم أو كلامك معهم ستجد كلام الشاب الإخوانى عبارة عن تلخيص لآراء محمد بديع ومن قبله مهدى عاكف، وكلام شاب الحزب الوطنى نسخة بالكربون من كلام قياداته، بل يمكنك أيضا أن تلمح فى كلماتهم رعبا من أن يخرج منهم تصريحا على غير هوى القادة مثلما يحدث إن سألت أحدهم عن رأيه فى قرار ما صدر عن جماعته فيتوقف للحظات ويجيب بدبلوماسية أو يمتنع عن التعليق لحين يحصل على الإشارة والإجابة معا.
بعض الشباب الذى كنا نراهن عليهم أصابتهم عدوى الكبار، ستجد أن هؤلاء الذين كنا نراهن على أن صفوفهم المتقاربة فى المظاهرات ستفتح بينهم مجالا أوسع للحوار وستدعم فكرة الائتلاف والتعاون من أجل المصلحة العليا للبلد لا أحد فيهم على استعداد أن يتقبل التيار الآخر وراجع ما يدور من معارك على صفحات الفيس بوك والمنتديات المختلفة بل والتعليقات على الموقع هنا لتتأكد بنفسك أن بين الشباب المنتمين لتيارات مختلفة ماصنع الحداد وأكثر.. فإذا كان قيادات الحزب الوطنى يعقدون صفقات سرية مع الإخوان فإن شباب الحزب الوطنى لا يعترفون بأن هناك شيئا اسمه الإخوان أصلا، وسترى أن شباب الإخوان لا يرون فى شباب اليسار سوى مجموعة من الصعاليك والكفار، بينما شباب اليسار لا يرى فى الإخوان سوى الانتهازية والدولة الدينية التى تقمع البلد، ومجموعة 6 أبريل ترى فى نفسها النموذج ولا تخجل من أن تسفه فكر الآخرين وتحركاتهم.
راجع مناقشاتهم على المواقع المختلفة وركز فيما بين السطور وستجد بداخلهم غضب كامن تجاه قادة هذه الأحزاب والحركات التى يتبعونها، ورفض كامل لسياساتهم، وصدمات عديدة فى هؤلاء الذين ظنوا أنهم سيأخذون بيد مصر للأمام فوجدوهم بعد التجربة والعشرة مجرد "أرزقية".. خيالات مأتة غير قادرة على إقناعهم أو قيادتهم وبدلا من أن يهربوا ويفلتوا بجلودهم وعقولهم غير المشوهة، استسلموا لنفس الفكرة.. فكرة الحلم بالكرسى وأنواره، وبعضهم استسلم لفكرة أن نصف العمى ولا العمى كله على إعتبار أن حزبه أو حركته السياسية رغم كل مشاكلها تبقى المنفذ الوحيد لعمل شىء ما، بدلا من الجلوس على الدكة ومشاهدة البلد وهى بتضييع.
إنها ضربة قاصمة يا سيدى.. جيل جديد من التعصب يبحث فيه كل تيار عن مصلحته فقط، كل تيار يرى نفسه الأجدر والباقون إما خونة أو متأمرون، نفس الإتهامات التى يروجها الكبار ستجدها وقد أصبحت عقائد فى عقول هؤلاء الصغار.
إنها كارثة ياسيدى حينما تدرك أن مستقبلك ومستقبل تلك البلد لن يختلف كثيرا عن حاضره، لأن الجينات انتقلت لعيال السياسية بتشواهتها وعشوائيتها، فكان طبيعيا أن يحدث انشقاقات وتسمع اتهامات بالعمالة والتخوين فى حركة 6 أبريل وشباب من أجل التغيير مثلما فعل الكبار فى حركة كفاية، وطبيعى أن تجد القيادى الشاب فى الحزب الوطنى لا يتحدث إلا بإذن، كما يفعل الوزراء، وعادى أن تجد شاب الإخوان يهاجم الكل من أجل المرشد فقط حتى ولو كان المرشد غلطان، وعادى جدا أن تجد شباب الاحزاب مؤمنون بأن أحزابهم ليست سوى قطعة ديكور فى بناء يديره الحزب الوطنى.
نحن أمام كارثة أكبر من التوريث، خطر أكبر من الصكوك الشعبية، نحن أمام مستقبل دخل غرفة الإنعاش مبكرا، وجلس على الكرسى المتحرك قبل أن يتعلم المشى..
محمد الدسوقى رشدى
مستقبل مصر جلس على كرسى متحرك قبل أن يتعلم المشى (2-2)
الإثنين، 22 فبراير 2010 01:14 م
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة