سمعنا كثيراً عن البنية الأساسية التى كانت دائماً مصدر فخر لحكومات الحزب الوطنى المتتالية، وتفرجنا على البنية الأساسية فى برنامج الرئيس الانتخابى، وبرامج الحكومة للمساء والسهرة، وفى كل برنامج تأتى البنية الأساسية من صرف صحى ومياه للشرب على رأس ما تفخر به الحكومة فى بياناتها، والحزب فى مؤتمره، لكن عند أول اختبار نكتشف أن البنية الأساسية المزعومة فى النملية، وما جرى بالأمس خير دليل على أن الحياة ليست بمبى والحكومة ليست بنفسجى.
سقط المطر على أنحاء البلاد وانسدت الطرقات والمداخل وتكومت برك المياه فى القاهرة والجيزة والمحافظات، وتوقفت الحركة تماماً، مع أنها المرة الأولى التى تشهد فيها مصر أمطاراً بهذه الغزارة منذ بداية الموسم الشتوى، لا توجد فتحات لتصريف المياه، ولا خطط لمواجهة المطر، وهذه المرة مثل كل مرة نكتشف أننا لا نمتلك استعدادات للتعامل مع المياه، التى تغرق العاصمة وتحولها إلى مستنقعات وبرك، وتصاب الطرق والشوارع بالشلل المرورى، وتختفى الأجهزة المحلية والحكومة الإلكترونية، وتغرق فى مياه الأمطار أو تتفرج على الارتباك من الشبابيك أو فى التليفزيون.
كل هذا ونحن فى القرن الواحد والعشرين والقاهرة تتحول تحت الأمطار العادية إلى قرية عاجزة عن الحركة والحياة، ولا نعرف أين يمكن أن تكون ذهبت الـ300 مليار التى تقول البيانات الإعلانية للحكومة إنها أنفقتها طوال عقود وتفخر بها.
هذه البنية الأساسية التى تعجز عن امتصاص عدة أمتار من المياه وتعجز عن مواجهة السيول فى سيناء، ونفس الحكومة تعجز عن تنظيف الشوارع من الزبالة، وتفشل فى إدارة أزمة أنابيب البوتاجاز أو رغيف الخبز، هل يمكن الوثوق بها فى إدارة التعليم أو الصحة أو الخصخصة أو إدارة الممتلكات والأراضى؟
وإذا تركنا أغنيات الحكومة والحزب عن البنية الإنجازات سوف نرى مشروعات معطلة، عشوائيات وطرق متهالكة.. مستشفيات عاجزة مدارس متدهورة.. فما هى فوائد الحكومة إذا لم تكن تفعل هذا؟ وكيف يمكن للحزب الوطنى الفيروسى أن يزعم أن له جماهيرية طاغية وأنه ينجح فى الانتخابات بدون مذاكرة وبدون امتحان؟ لقد رأينا وزير الإسكان والتعمير السابق محمد إبراهيم سليمان وهو يقف أمام مجلس الشعب ويعلن بكل فخر أننا أنفقنا على البنية الأساسية من صرف ومياه أكثر مما أنفقته أمريكا، وقد رأينا كيف يختلط الماء بالمجارى فى البرادعة وغيرها، وكيف تغرف البلد فى شبر مية؟ ويمكن توقع أين ذهبت المليارات.
هذا النظام السياسى المزمن الذى يعجز عن إدارة شئونهم، هل يمكن أن يحصل على ثقتهم فى أية انتخابات؟ وهل يمكن الوثوق فى حزب وحكومة ونظام كهذا فى إدارة ملفات مهمة كالصحة والتعليم والخصخصة والإسكان؟ الحكومة التى تعجز عن إدارة عملية كنس الشوارع أو إقامة نظام لتصريف مياه المطر هل يمكن تصديقها وهى تزعم أنها نجحت، بينما هى نجحت فقط فى الفشل الذريع؟