انقلاب على آليات عمل مجلس الشعب.. هذا بالفعل ما قام به الفقيه القانونى البارز الدكتور أحمد فتحى سرور، رئيس مجلس الشعب، عندما أرسل خطاباً إلى اللواء حبيب العادلى وزير الداخلية للتحرى حول قيام بعض نواب المجلس بتقاضى أموال من المواطنين نظير قيامهم باستصدار قرارات لهم بالعلاج على نفقة الدولة.
وفق هذا الخطاب الذى أرسله الدكتور سرور أمكن لوزير الداخلية نشر مخبريه وأمناء شرطته فى الدوائر الانتخابية للنواب وجمع التحريات عنهم ورفعها إلى رئيس المجلس أو إبلاغ النيابة العامة بها لاتخاذ اللازم بدءاً من طلب رفع الحصانة عن النواب وصولاً إلى اتخاذ الإجراءات العقابية بحقهم بعد التحقيق معهم طبعاً.
لسنا هنا فى معرض الدفاع عن نواب مجلس الشعب إطلاقا، على اعتبار أن حصانتهم البرلمانية تعصمهم من الخطأ أو من المحاسبة، لا بل إننا نشدد على محاسبتهم، بحكم المسئولية الكبرى التى يحملونها على عاتقهم بوصفهم نواباً عن الشعب، يرفعون قضاياه ومطالبه وشكاواه للبحث والمناقشة فى البرلمان وترجمتها إلى تشريعات تحقق التقدم والاستقرار فى المجتمع أو ترجمتها إلى نوع من المراقبة الإيجابية للحكومة أى السلطة التنفيذية وبحث مسئوليتها عما يعانيه الناس من أزمات ومشكلات وإمكانات تحسين أدائها أى الحكومة.
تجاه هذه النقطة تحديداً أى مراقبة الحكومة بهدف تحسين أدائها، حدث انقلاب الدكتور سرور عندما أحال قضية العلاج على نفقة الدولة وتجاوزاتها إلى وزير الداخلية ممثل السلطة التنفيذية للتحرى وإبلاغ النيابة لاتخاذ اللازم، أى أنه بدلاً من أن يراقب نواب الشعب أداء وزير الداخلية وسائر وزراء الحكومة أصبح وزير الداخلية يراقب أداء نواب الشعب!
تخيلوا معى كيف تكون العلاقة بين وزير الداخلية ونواب الشعب بعد انقلاب الدكتور سرور، هل سيقدم نائب على توجيه طلب إحاطة حول أداء أى إدارة من إدارات الداخلية أم سيعمل حساباً للسلطة الجديدة التى خولها رئيس مجلس الشعب وزير الداخلية؟ وماذا يمنع أن تتحول قضية عرضيه مثل العلاج على نفقة الدولة، أصبح خلالها وزير الداخلية مراقبا لنواب الشعب، إلى عرف دائم يقوم من خلاله الوزير المعنى بالأمن إلى التحرى عن النواب فى دوائرهم وجمع المعلومات والأدلة حول أدائهم؟
السؤال هنا: لماذا لم يشكل الدكتور سرور لجنة لتقصى الحقائق حول شفافية وحيدة النواب الذين حصلوا على قرارات علاج على نفقة الدولة بدلاً من إحالة الأمر لوزير الداخلية؟
إننا أمام انقلاب حقيقى وخطير، يمس جوهر التوازن بين السلطتين التشريعية والتنفيذية، وينعكس بالضرورة على أداء نواب الشعب ويحد من قدرتهم على خدمة أبناء دوائرهم.
الغريب أن النائب الوحيد الذى أبدى اعتراضه ورفضه لقرار سرور الانقلابى قامت الأغلبية الميكانيكة فى مجلس الشعب بتحويله إلى لجنة القيم!
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة