عرفت الكاتب الجزائرى المرموق خالد عمر بن ققة، واقتربت منه منذ ما يزيد عن عشر سنوات، وعرفه غيرى من عشرات الصحفيين المصريين، قبل أن يترك القاهرة ليعمل فى جريدة الاتحاد الإماراتية.
جاء خالد إلى مصر أيام اشتداد عود الإرهاب فى الجزائر، والذى راح ضحيته آلاف الجزائريين، وكنا فى مصر نتابع المذابح ضد الجزائريين الأبرياء بألم كبير ونراها نارا كاوية، شأنها شأن الإرهاب الذى أفزع مرقدنا فى مصر، وكثيرا ما كان خالد عمر بن ققة هو قبلتنا لتفسير ما يحدث فى بلده، وبوعى كبير ولافت كان يذهب بنا إلى أدق التفاصيل التى تجعلنا نفهم الخلفية التاريخية والجغرافية التى تساعد على الإرهاب فى الجزائر، وعلاقة ذلك بالعلاقات الإقليمية للجزائر سواء كان ذلك فى المحيط العربى أو الأوربى.
اختار خالد العيش فى مصر لأنه رأى فيها كما كان يقول دائما بلده الثانى، الذى يطمئن إلى العيش فيه، وجاء إليه محملا بعبق العروبة، مفتخرا بثورة بلده ضد الاستعمار الفرنسى، ومساندة جمال عبد الناصر لها، ومحبا للزعيم الجزائرى الراحل هوارى بومدين ونهجه العروبى، ومتباهيا بالمليون شهيد الذين تغنت بهم العروبة بالدرجة التى شعر فيها كل عربى أن هؤلاء الشهداء لا يخصون الجزائر وحدها، وإنما يخصون كل بلد عربى، شهداء تغنى بهم عبد الحليم حافظ :" باسم ثورة شعب فوق أرض الجزائر"، وتغنت بهم أم كلثوم ونجاة الصغيرة، وكتب عنهم أحمد عبد المعطى حجازى شعرا.
استمر خالد فى مصر سنوات يحتفى به أصدقاؤه المصريون، ويحتفى هو بمعرفتهم، ويتحدث عن حوارى مصر وشوارعها، ومدنها فى محافظات مصر المختلفة، وكأنه ولد فيها، وحين ذهب إلى جريدة الاتحاد الإماراتية لا أنسى له حماسه الشديد مع أصدقاء مصريين آخرين فى طرح اسمى ضمن الفريق الذى يجب أن تشمله جريدة الاتحاد، ورغم أن القصة لم تكتمل، إلا أن مسلكه معى كان ضمن مسلك عام مع الكثير من المصريين الذين بادلوه حبا وتقديرا.
تذكرت خالد الباحث والكاتب المرموق والإنسان الجميل منذ اليوم الأول للعواصف التى هبت بعد مباراة مصر والجزائر فى أم درمان، وأشعلها البعض ثانية فى البلدين، مستخدمين فى ذلك أحط أنواع السباب والشتائم التى لا تليق أبد ببلدين تبادلا العطاء والتضحيات، وأتذكره اليوم باعتباره وجها جزائريا مشرقا على أمل أن يكون ضمن كتيبة جزائرية جاءت لحظتها لإنجاز فعل يداوى الشروخ التى ألمت بالبلدين فى الفترة الماضية.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة