سعيد الشحات

أحمد زويل

الخميس، 04 فبراير 2010 12:16 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لن أبالغ فى القول بأن حوار الدكتور أحمد زويل الذى أجرته معه قناة دريم ليل الثلاثاء، والذى استمر حتى الساعات الأولى من صباح الأربعاء، يعد من أهم الحوارات التى تابعها المشاهد المصرى والعربى فى الفترة الأخيرة، وكان الإعلاميان محمود سعد ومنى الشاذلى اللذان أجريا الحوار على مستوى رائع فى توجيه الأسئلة، ساعد على ذلك بساطة الرجل، وقدرته الفائقة فى تبسيط شرح القضايا العلمية المعقدة عصية الفهم على غير المتخصصين.

من الفكر إلى العلم، ومن الثقافة إلى السياسة، تحدث زويل.. تأسى على ما حدث بين مصر والجزائر بعد مباراة أم درمان، وقال :" للأسف شاهدت قناتين فضائيتين كان الحوار فيهما هابطا "، وقال عن الذين استثمروا الفرصة وأخذوا فى الهجوم على العروبة:"قد أتفهم أن هناك مصالح مع دول غير عربية، لكن لا يمكن أن نخلع هويتنا، وهويتنا هى العربية".

أطل زويل على العروبة من ناحية أخرى، وذلك فى إجابته على سؤال عن وضع عالمنا العربى فى الخريطة العالمية، قائلا إن النظرة إلى العالم العربى الآن كالنظرة إلى أفريقيا، فهو خارج العالم فيما يتعلق بالإنتاج العلمى، لكنه قال فى حسم إن هذا الضعف لن يتم علاجه إلا من مصر.

وميزة هذا الكلام الصافى أنه يأتى من رجل ليست له مصالح، وليس مغروسا فى لعبة التجاذبات السياسية الصغيرة بين الدول العربية وحكامها الذين يفتقدون إلى أى نظرة للمستقبل، وميزته أيضا أنه يأتى من رجل لم تخطفه أضواء الغرب التى أعطت له كل هذا المجد، وبالتالى كان من الممكن أن يدعو إلى قطع الجذور كما يدعو بعض السفهاء.

تحدث عن أن النهوض العلمى لن يتحقق إلا بشروط كثيرة من ضمنها إصلاح التعليم، والتالى له هو وفرة ثلاثة عناصر رئيسية هم: الرؤية والتصور، وقال إن هذا كفيل به مع علماء آخرين، أما العنصر الثانى فيتمثل فى وضع دستور وقانون خاص للعاملين فى هذا المجال، وأخيرا توفير البنية التحتية.

لم يكن كلام زويل عن النهوض العلمى منفصلا عن تصورات عملية طرحها من قبل على المسئولين المصريين حول هذه القضية بعد فوزه بجائزة نوبل، وهى التصورات التى كانت مبنية على الشروط الثلاثة التى طرحها، لكن للأسف دخلت تصوراته فى دهاليز حكومية أخرى معتادة فى قتل أى حلم يسعى للنهوض بالوطن، وهو الحلم الذى يستوجب محاكمة أى مسئول ساهم فى قتله.

وجوب محاكمة هؤلاء المسئولين يزداد الاقتناع به مع ما قاله زويل عن التجربة التركية فى الارتقاء بالعلم والتى شاهدها بنفسه فى زيارته الأخيرة لتركيا.

بدا زويل مفتونا بما يحدث فى تركيا، بدءا من ملاحظته الدالة، والتى قال فيها إن كل مستشارى رئيس الوزراء التركى رجب طيب أردوغان أثناء المقابلة التى جمعتهم كانوا شبابا فى الثلاثين من العمر، ناهيك عن الحفاوة الشخصية من أردوغان بمقابلة زويل..

تحدث زويل عن الطريقة التى يدار بها العلم فى تركيا بدءا من الجامعات التى يصل تعدادها حوالى مائة جامعة، وانتهاء بالعدد القليل من الجامعات المتخصصة التى تعد فى درجة أرقى من ناحية وظيفتها التخصصية فى العلم، ونتج عن ذلك طفرة فى اقتصاديات التصدير القائمة على كل ذلك.

وفى إشارة تدل على إيمان الرجل بجذوره وعمقه فى النظر إليه، شهد أن التعليم الذى تلقاه فى مصر كان تعليما متقدما، ودلل على ذلك بالكثير، من ضمنه أنه تعلم فيه الفنون والقراءة والبحث، وأنه لا ينسى الرحلات التى كانت تنظمها المدرسة للتلاميذ، وبفضلها شاهد مشروع مثل القناطر الخيرية فى القليوبية وهو من دمنهور، وتلقى تعليمه فى دسوق بكفر الشيخ .

وفى قول سابق أكد أن التعليم المجانى الذى تعلم فيه كان أفضل من التعليم الخاص الذى لم يكن يفكر أحد فى الالتحاق به وقتئذ، ليس هذا فحسب، بل إن الالتحاق بالجامعات المصرية ومنها جامعة الإسكندرية التى تعلم فيها كان أفضل من الجامعة الأمريكية.

وقيمة هذه الشهادة التى قالها زويل ردا على سؤال محمود سعد له عن مجانية التعليم وجمال عبد الناصر، أنها تخرس الألسنة التى ترى أن كل الخراب الحاصل الآن فى التعليم مرجعه إلى المجانية التى قررها عبد الناصر، فها هو الرجل يجدد اعترافه بأنه تلقى تعليما راقيا فى مدراس المجانية وجامعاتها.

أما عن عبد الناصر فقال عنه، كان زعيما وطنيا نزيها عظيما، يدافع عن مشروع الاستقلال الوطنى، وقدم إنجازات عظيمة مثل السد العالى والمصانع، وشهد زمنه الحلم والعلم وهما كفيلان بالقدرة على بناء الأهرامات، وأضاف أنه لأول مرة قفز مجموع الالتحاق بكليات الهندسة على مجموع الالتحاق بكليات الطب، لأن المجتمع كان فى حالة بناء، وقال إنه مازال يحتفظ برد عبد الناصر على خطاب أرسله له، لكنه قال إن مأخذه عليه أنه كان لديه فرصة بلاتينية لتحقيق الديمقراطية ليس فى مصر وإنما فى العالم العربى.

زويل وكما قال الروائى الكبير بهاء طاهر فى مداخلته أثناء الحوار، هو عالم فنان. وآراه أنا عالما لم يغادر بعد رومانسيته الحالمة رغم إبحاره فى العلم، وكانت موسيقى "إنت عمرى" للرائعة أم كلثوم التى جاءت فى لحظات الحوار الختامية وظهوره متأثرا بها دليلا عميقا، لكن الأعمق يأتى فى كل ما يذكره من أحلام لمصر وعروبته.

وأخيرا تحية لزويل والرائعين محمود سعد ومنى الشاذلى وقناة دريم.








مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة