عاشت مصر شهراً كروياً مثيراً، تمنت الدولة بكل تأكيد أن يمتد حتى نهاية هذا العام، فما حدث من اهتمام كبير، شعبياً ورسمياً، يستحقه الفريق الوطنى بالتأكيد تقديراً لنتائجه فى هذه البطولة، ولكن ما حدث وما زال يحدث يجعلنا يجب ألا نتوقف عند البطولة نحتفل بها رسمياً من رموز الدولة وشعبياً فى كل الميادين، قد يكون ما يحدث فى مصر منذ مباراة الجزائر والالتفاف الشعبى الضخم حول حلم مشاركة مصر فى كأس العالم ورفع العلم المصرى فى كل مكان وفى يد كل طفل بهذا القدر من الحب والحماس والإيمان بحب الوطن، وما حدث وما زال يحدث حتى اليوم يجب أن يكون فرصة لبداية حقيقية نراجع فيها أنفسنا شعباً ومسئولين للبحث عن حياة أفضل ومستقبل أجمل لهذا الوطن، هذا الالتفاف الرائع نحو العلم الرمز يجعلنا ندرك بكل ثقة أن هذا الشعب إذا شعر أن هناك رغبة حقيقية فى أن تتحرك الدولة للأمام سيتحرك من خلفها متسلحاً بهذه الروح المعنوية الجبارة والإيمان بأن هذا الشعب قادر على أن يفعل الكثير طالما وجد الفرصة، من وقت لآخر نحصل على انتصارات رياضية جبارة ويلتف حولها الشعب وتظهر الروح المصرية الحقيقية ثم مع الوقت يفتر الحماس وتهدأ النفوس ويغيب الهدف ونعود كما كنا الآن الفرصة مواتية بقوة يجب أن نستغلها ولا نجعلها تهرب مثل المرات السابقة.
خلال أيام البطولة كان من حظى أن انشغلت بقراءة كتاب شيق يحمل اسم نشأة الروح القومية المصرية بين عامى (1836 – 1882) والذى أصدرته هيئة الكتاب وكان قد ألفه بالفرنسية المؤرخ المصرى محمد صبرى "السوربونجى" وترجمه للعربية ناجى رمضان، والكتاب المهم الذى كتبه صاحبه فى أعقاب ثورة 1919 كواحد من جيل من المؤرخين للحياة السياسية والفكرية فى مصر الحديثة يرصد بموضوعية كيف بدأت الروح المصرية تتشكل فى فترة حكم محمد على؟ وكيف بدأ المصريون يدركون قيمة الالتفاف حول هدف واحد، حيث عمل محمد على على تأسيس جيش قوى وعصرى ودولة قومية، ويرصد الكتاب كيف أنه مع تأسيس المدارس وتشجيع الزراعة والصناعة واستتباب الأمن والنظام والانتصارات العسكرية فقد استيقظ فى مصر الشعور القومى وتشكلت طبقة وسطى مصرية جديدة بدأت تقود هذا الشعور القومى الجديد، وما يشير إليه هذا الكتاب هو ذاته ما يمكن أن يحدث الآن إذا انشغلنا بشكل جدى فى أن نضع أنفسنا فى المكانة التى نستحقها ولا نكتفى بأن نعتبر أن التفافنا حول الفريق القومى فى مبارياته هو قمة الشعور بالوطنية وأقصى أحلامنا لإحياء الروح المصرية من جديد.
كاتب صحفى بالأهرام
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة