إذا كنت ممن يندهشون من مشاكل مصر التى تتكاثر تكاثر الخلايا ولا يطولها من الحل نصيب، فتابعنى فى السطور القادمة لعلك تتفق معى فى أن وجود تلك النماذج على أرض الوطن هو سبب حمل مصر المتكرر بالمشاكل.
الأمر ببساطة يتعلق بنجوم المجتمع، الذين يقدمون أنفسهم على الشاشات كرواد للإصلاح، ونشطاء يبذلون الغالى والنفيس من أجل مصر أكثر تطورا، هؤلاء الذين يجيدون الكلام عن الحرية والمسئولية والرقى والتقدم، ويعشقون استخدام كافة مشتقات ومستخلصات كلمة الإصلاح ..
ينطقون هذا بألسنتهم.. ينشرونه عبر نظرياتهم التى يطلقونها على شاشات الفضائيات بعد أن يضعوا رجلاً على رجل بالطبع، ولكن حينما يأتى موعد الفعل، حينما تأتى ساعة العمل، تجدهم يسيرون على خطى الحكومة التى ينتقدونها ليل نهار، وينشرون الأفكار التى كانوا بالأمس ينتقدونها على الشاشات.
ترى ذلك واضحا فى المسئولين الذين لا يملون الحديث عن التخطيط والتنظيم فى المنتديات الليلية والبرامج المسائية، وحينما يأتى الصباح ويجلس كل منهم على كرسى وزارته أو مصلحته الحكومية يبدأ فى إدارة الأمور على طريقة الطابونة، ترى ذلك واضحا لدى السادة المثقفين والمبدعين.. لا يتوقفون أبدا عن الحديث عن الحرية والديمقراطية وجمالهما، وحينما تتعرض أعمال أحدهم للنقد يتحول إلى ديكتاتور يود لو كتم أنفاس كل من يفكر ألا يقول له أحسنت يا فنان.. هكذا بالضبط يفعل المخرج السينمائى خالد يوسف، أو الأستاذ كما يحب أن يسمع.
راجع تصريحات المخرج الذى يسعى بكل الطرق لإقحام نفسه فى دوائر الضوء السياسية، ويسعى بإلحاح أن يرسم لنفسه صورة الفنان المثقف والمخرج الملهم صاحب النظريات والرسالة، راجع كلامه وهو يتحدث عن أوضاع مصر ومشاكل مصر وعيوب الحكومة، ثم انظر إلى أعماله السينمائية.. لن أتكلم عن مساحات العرى أو الألفاظ البذيئة أو مساحات الاستظراف الجنسى الذى تملأ أفلام الأستاذ وتحديدا الفيلم الأخير"كلمنى شكرا"، فى محاولة لتعويض غياب الهدف والعمق الدرامى وجمال الصورة..
لن أتكلم عن ذلك، لأن الأستاذ يصادر على تلك الآراء ويعتبر أصحابها متخلفين ورجعيين وضد الحرية.. لن أتكلم عن خوف الأهالى على أبنائهم من المضمون الخالى من القيم والاحترام الذى قدمه المخرج الخائف على المجتمع المصرى فى "كلمنى شكرا"، لأن الأستاذ يرى أن أصحاب تلك الآراء ضحايا تقاليد وتطرف دينى دخيل..
لن أسأل عن إصراره على ارتداء غادة عبد الرازق بطلة "كلمنى شكرا" تلك الملابس المفتوحة من كل الاتجاهات طوال الفيلم، لأن الأستاذ سيرد قائلا: إن دورها فى الفيلم ست مش ولابد، عاوزنى ألبس واحدة مومس إيه؟!
هكذا سيلقى عليك سببا دراميا سخيفا وغير واقعى، لأنه من غير المعقول أن تظل واحدة ست بلا هدوم طوال حياتها حتى لو كانت ملكة المومسات فى العالم كله..
لن أتكلم عن كل هذا، ولن أسأل الأستاذ خالد يوسف كيف يرى فى فيلم "كلمنى شكرا" عملا يساهم فى إصلاح حال هذه البلد الذى يظهر فى الفضائيات ليبكى عليها؟!..لأننى متأكد أنه سيجد ألف إجابة وإجابة سيظل يعيد فى ترتيب كلماتها حتى تخرج وكأنها إجابة مثقف يصرخ بها فى وجه المذيعة مضمحلة المعرفة، فتصاب "بالخضة" و"تكش" على الفور وتنحنى صمتا أمام فلسلفة الأستاذ غير المفهومة..
لن أتكلم عن فنيات الأستاذ السينمائية وطبيعة أفلامه والخطوط الدرامية غير المكتملة أو غير الموجودة أصلا كما فى فيلم "كلمنى شكرا".. لأننى على يقين أن جيشا من المدافعين سيخرج للدفاع عن الأستاذ الذى فهم الفولة مبكرا، ووضع الصحفيين فى جيبه، إما باسم الصداقة أو باسم الفن بعد أن أوهم وسطا بأكلمه أن الهجوم عليه يعنى الهجوم على السينما الجادة ومستقبلها فى مصر..
لن أفعل كل ذلك، ولكننى أستسمح الأستاذ المخرج الفنان المثقف خالد يوسف أن يرحمنا ويرحم مصر ويجلس فى بيتهم إذا كان مقتنعا بالفعل أن فيلما مثل "كلمنى شكرا" عمل سينمائى مكتمل، وليس مجرد استكشات سخيفة ومبتذلة لرجل وجد نفسه فجأة مضطرا لأن يجلس على كرسى المخرج ويقول.. أكشن!
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة