منذ أيام يدور جدل واسع حول التصريحات التى أطلقها الدكتور صلاح عبد الهادى عميد معهد الأورام، حول إمكانية الاستفادة من الموقع المتميز لأرض المبنى الجنوبى لمعهد الأورام فى منطقة "فم الخليج" بوسط القاهرة، عن طريق بيعه لأحد المستثمرين، وبناء مبنى جديد على مساحة 5 أفدنة فى أى منطقة جديدة تحددها الحكومة الرشيدة.
والحق أن فى هذه التصريحات، مع افتراض حسن نية من أطلقها، تنحرف انحرافاً كبيراً بما تمثله قضية فساد معهد الأورام، فمن ناحية تم التغاضى أو التواطؤ بين الجهات المنفذة والجهات المستلمة لمبنى المعهد، وهو أمر يجب التحقيق فيه ومساءلة المسئولين عنه ومن ناحية ثانية، ظهرت بوادر العيوب الجسيمة فى مبنى المعهد منذ 11 عاماً كاملة، حسب تصريحات الدكتور على عبد الرحمن الأستاذ بكلية الهندسة ورئيس جامعة القاهرة السابق، وهو أمر يستحق أيضاً التحقيق ومساءلة من تقاصر عن تلك العيوب فى حينه، وترك مبنى المعهد رغم أهميته القصوى عرضة للانهيار على رؤوس المرضى الفقراء.
هل أصبحت قضيتنا هى بناء أى مستشفى للفقراء والسلام، والمن عليهم بهذا البناء؟ وهل أصبحت عقيدتنا هى البيع لكل شىء ولأى أحد تحت وهم الاستثمار؟
وهل أصبح "الاستثمار" كلمة سحرية نلوذ بها دون التخطيط أو التزام من أى نوع، أو شماعة نعلق عليها أخطاءنا وخطايانا؟ على السادة الذين يفكرون فى تتبع قضية الفساد فى المبنى الجنوبى لمعهد الأورام أن يلزموا الصمت لأن القضية المقترحة لن تغلق إلا بالمحاسبة، وأن كل تصريحات أو إشارات تهدف إلى تبيعيها ستواجه برأى عام قوى رافض لكل أشكال الفساد من حولنا وما أكثرها.
وعلى السادة الذين يتصورون أن بناء معهد جديد للأورام سينسى الناس جريمة وجود صرح طبى كبير كان من الممكن أن يتهدم على رؤوس قاطنيه من المرض على هؤلاء السادة أن يتراجعوا عن تصوراتهم، فالمرضى الفقراء كثيرون ويحتاجون لعشرات المستشفيات والمعاهد الطبية المتخصصة، كما أن المرض والفقر قد أضاف للناس ذاكرة للألام تحتشد بكل الخطايا والأخطاء فى حقهم، وتدفعهم إلى المطالبة بمحاسبة المسئولين عنها.. ذاكرة تعمل عكس ما يريد بعض المسئولين أو يراهنون من أن المصريين، خصوصاً الفقراء والمرضى منهم، بلا ذاكرة أو ينسون سريعاً.. باختصار قضية المبنى الجنوبى لمعهد الأورام ستظل مفتوحة حتى يغلقها القانون عندما يسرى فى مجراه.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة