أصبح من المعتاد أن تجد زحاما وشجارا أمام أكشاك توزيع الخبز، وأصبح من المعتاد أيضا أن تجد أكشاك الخبز خاوية على عروشها والمواطنون الراغبون فى لقمة العيش ينتظرون أمامها بترقب وحماس وضيق.
الترقب والحماس والضيق هو نفسه لدى العاطلين الباحثين عن عمل ولو بسيطا يتيح لهم الوقوف أمام أكشاك الخبز والتشاجر مع شركائهم فى الوطن من أجل عشرة أرغفة غير معروف بدقة مدى سلامة الدقيقة التى صنعت منه. لكن ماذا يفعل العاطلون عن العمل وفقراء هذا البلد إذا لم تتح لهم الظروف الاقتصادية ومعدلات التنمية التى يتحدث عنها وزيرا المالية والاستثمار بإسهاب، أن يتشاجروا مع شركائهم فى الوطن من أجل عشرة أرغفة؟
الإجابة مرعبة، أعلنها مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشئون الإنسانية أمس، من أن آلاف المصريين يبيعون أعضاءهم »الكلى والكبد« كل عام من أجل تسديد ديونهم وشراء احتياجاتهم الأساسية بمعنى آخر، لشراء الطعام الضروري، العيش والفول والطعمية والمكرونة لسد أفواه أبنائهم الجوعى.
قد يقول أحدهم إن الحكومة انتبهت إلى خطورة ما أعلنه مكتب الأمم المتحدة للشئون الإنسانية، وقرر الانتهاء من قانون نقل وزراعة الأعضاء، مشددا على عقاب الوسطاء والسماسرة الذين يروجون لهذه التجارة الفاحشة، وحتى ينتظم نقل وزراعة الأعضاء فى الطريق القويم لرسالة الطب النبيلة، الهادفة أساسا على الحفاظ على الصحة العامة لأفراد المجتمع باعتبارها إحدى ركائز الأمن والاستقرار فى المجتمع.
وفى المقابل يشير خبراء إلى أن مفهوم الصحة والحفاظ عليها كإحدى ركائز استقرار المجتمع، أمر بعيد عن واضعى ومنفذى السياسات عندنا، مستشهدين بأمراض مزمنة مثل سوء التغذية وفقر الدم فضلا عن أمراض شديدة الخطورة اقتربت من صورة الوباء مثل الفشل الكلوى والالتهاب الكبدى الوبائى والسكر.
ومن ناحية ثانية ينتقد خبراء قانون نقل وزراعة الأعضاء واصفين إياه بأنه مصمم للأغنياء وأصحاب القدرة على »إقتناء« الأعضاء، وأن هذا القانون مجرد غطاء لتقنين وتنظيم عملية النقل التجارية البحتة بين أغنياء مصريين وأجانب قادرين على شراء الأعضاء وفقراء مصريين فقط لم يعودوا يملكون سوى أجساهم لبيعها قطعة قطعة، من أجل شراء الطعام لأبنائهم أو سداد ديون عجزت كل مؤشرات التنمية التى تبدو مرتفعة أو شهادات صندوق النقد الدولى عن سدادها!
هل تتحول أجساد المصريين إلى مزارع للأعضاء بالقانون؟
هل وصل الحال بنا إلى أن نأكل أنفسنا فعليا؟
أى حياة هذه؟
أى خراب هذا؟
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة