الدكتور حمدى السيد نقيب الأطباء ورئيس لجنة الصحة بمجلس الشعب، مدافع نموذجى عن الفئة التى ينتمى إليها ويمثلها، لدرجة أننى أتمنى زرع ونقل أفكاره إلى واحد أو واحدة فى كل نقابة أو فئة أو جماعة أو طبقة، خاصة بعد الموافقة النهائية على قانون تنظيم نقل وزراعة الأعضاء.
الدكتور حمدى المدافع الشرس عن حقوق ورفاهية الأطباء، عمل على فتح باب التبرعات بالنقابة لتقديم أموال الزكاة للأطباء المحتاجين، على طريقة أحمد مظهر فى فيلم "الأيدى الناعمة" عندما كان يبيع "موزيكاه" للطبقة الراقية فقط، فالدكتور استصدر فتوى تجيز التبرع للأطباء المحتاجين من الأطباء فقط، يعنى من دكتور لدكتور، ولو طفل من أطفال الشوارع أحب أن يتبرع بثمن "شمة كُلّة" لدكتور محتاج ، سيقول له الأخير "يفتح الله، لازم تتعلم وتدخل كلية الطب عام أو خاص استثمارى وتقضى سنة الامتياز قبل أن أقبل منك أى تبرع!"
فينك يا توربينى، لو أن أفكار حمدى السيد فى رأس توربينى الشرابية أو توربينى قطارات القاهرةـ الإسكندرية أو توربينى المهندسين، لما كان حال أطفال الشوارع مثل ما هو عليه الآن، ينامون على الأرصفة وتحت الكبارى وفى الحدائق العامة، فى شمس يوليو وفى سيول فبراير وبرد أمشير، ولا يجدون من يستصدر لهم فتوى تجيز التبرع بأموال الزكاة للمحتاجين منهم.
ربما لأن أطفال الشوارع ليس لهم نقابة ولا يمثلهم نائب أو رئيس لجنة فى مجلس الشعب، ينامون فى الظل العريض لوزارة التضامن الاجتماعى صاحبة الهيمنة على الجمعيات الأهلية التى تعمل بدورها على إعادة تأهيل عينات صغيرة عشوائية من الأطفال الأيتام وأطفال الشوارع، بينما الجيوش الجرارة منهم تكبر وتتناسل فى الشارع وتنجب جيلاً واثنين، الناجح من بينهم فى صناعته، سواء كانت التسول أو بيع المناديل والزهور فى إشارات المرور، أو بيع الشاى والأطعمة الملوثة فى الميادين، هؤلاء ينضمون إلى مساحات العشوائيات المترامية التى تحاصر الأطباء وأشباههم من الفئات المحتاجة للزكاة فى بيوتهم الآمنة!
ومع ذلك، توجه الدكتور حمدى السيد يستحق الإشادة فى سياق الدفاع عن الفئة التى يمثلها، لكنه يلفت نظرنا إلى عدم وجود خريطة واضحة للفئات الأولى بالرعاية فى مجتمعنا، أو يقول لنا من ناحية أخرى إن مجتمعنا ، مجتمع الـ 5% قد سقط 95% منه تحت خط الاحتياج والعوز والفقر، إذا وسعنا مفهوم الاحتياج والعوز والفقر باعتباره يتعدى الحاجة إلى الطعام إلى ضرورة سداد احتياجات التعليم والرعاية الصحية والمسكن الملائم.
لا نستطيع لوم الدكتور حمدى السيد على صراحته الجارحة.. لكن علينا أن نسأل: كيف وصلنا إلى ما وصلنا إليه؟ وكيف نغير السياسات التى أوصلتنا إلى ما نحن عليه؟!
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة