حمدى الحسينى

نائب.. بالإكراه

الأربعاء، 10 مارس 2010 08:17 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا شك أن مصر تشهد هذه الأيام حراكاً سياسياً ملحوظاً.. هذا الحراك نجح بجدارة فى إلقاء حجر ثقيل فى بركة المياه السياسية الراكدة وإعادة الحديث عن التغيير مرة أخرى بروح مختلفة ولافتة للانتباه، مما جعل هذا الملف يطرح نفسه بقوة على وسائل الإعلام بكافة أشكالها، كما أيقظ الديمقراطية من سباتها العميق فى أحضان النظام، وبدأ الجميع يتحدثون عن فكرة تداول السلطة ومستقبل الحكم فى مصر بعد جمود استغرق نحو خمس سنوات كاملة.

يجب أن نعترف بأن الفضل فيما عاشته مصر والمنطقة العربية من تحول نحو الإصلاح يعود للضغوط الخارجية التى مارستها الإدارة الأمريكية السابقة، رغم كل شرورها ومساوئها، والأمر المؤسف أن هذه التحولات لم تأتِ كاستجابة طبيعية لمطالب الشعوب التى طالما نادت بها القوى السياسية فى الداخل.. فقد وصلت تلك الضغوط إلى ذروتها فى 2005 وانتهت بقرار تعديل بعض مواد الدستور الخاصة بانتخاب رئيس الجمهورية بالاقتراع الحر المباشر بدلاًً من نظام الاستفتاء الذى كان متبعاً فى مصر منذ ثورة يوليو 1952.

من يقرأ الصحف المصرية ويتابع برامج الـ"توك شو" العديدة يستشف بسهولة أن رياح التغيير السياسى عادت لتعصف بقلاع النظام الحصينة فى موجة ثانية ربما تكون أقل قوة من سابقتها، إلا أن كل المؤشرات تثبت أنها ستكون أشد تأثيراً وأكثر انتشاراً وفاعلية من الموجة الأولى، خاصة بعد أن بدأت تتصاعد الحركات والأصوات الإصلاحية كلما اقترب موعد الانتخابات الرئاسية المقبلة فى 2011.

إذا كانت موجة التغيير الأولى التى هبت على مصر قبل حوالى خمس سنوات أسفرت عن تعديل دستورى سطحى ونقلة ديمقراطية محدودة انتابها الكثير من العوَار السياسى، فإن كل التوقعات تنبئ بأن الموجة الثانية التى تشهدها مصر حالياً سوف تحدث تحولات جذرية واسعة تكاد تقترب من أحلام وطموحات غالبية المصريين وتلبى تطلعاتهم فى مستقبل سياسى أفضل.

وبقراءة سريعة ونظرة متفحصة لما يمكن أن تخلفه تلك الموجة الحالية، أتصور أن النظام سيتعامل معها بنفس الأسلوب الذى تعامل به مع الموجة السابقة، حيث أطلق خلالها مبادرة تعديل الدستور بعد أن ظل يعتبره "خط أحمر" لسنوات طويلة، وبناءً على ذلك أتوقع أن يتقدم بمبادرة مماثلة قد تحمل مفاجأة مدهشة بتعيين نائب للرئيس ليشغل المنصب الذى ظل خاوياً على مدار أكثر من 28 عاماً كاملة.. وبصرف النظر عن هوية أو انتماء النائب المرتقب.. لكنه بهذه الخطوة سيُغلق الباب أمام كل الحالمين بالتنافس على منصب الرئيس فى الفترة الأخيرة.

لن أبالغ إذا قلت بأن النظام يمكن أن يُحدث صدمة مدوية بإدخال تعديلات جديدة على مواد الدستور المثيرة للجدل، لاسيما المواد "76، 88، 77" التى بُحت أصوات الإصلاحيين للمطالبة بتعديلها مراراً وتكراراً.

بالطبع هذه التوقعات المتفائلة لم تكن مطروحة من قبل، لكن فرضتها المستجدات الأخيرة التى طرأت على الأجواء السياسية مؤخراً.. كما أظن أيضاً أن هذه التوجهات ستلقى من يحاول عرقلتها وربما مقاومتها والاعتراض عليها، لأنها ببساطة ستقلب الأمور رأساً على عقب إلى حد يقضى على أوهام اجتهد بعض أركان النظام فى التخطيط لتحويلها إلى واقع ملموس ووضعها موضع التنفيذ.

إن واقعية النظام ورغبته الملحة فى أن يظل مستأثراً بالمشهد السياسى، وأن يكون هو اللاعب الرئيسى والوحيد على الساحة السياسية.. هذه الواقعية ستدفعه إلى اللجوء لهذا الخيار المر باعتباره المَخرَج الآمن من المأزق الذى بدأ يواجهه فى الأسابيع الأخيرة، كما سيجنبه أية مفاجآت محتملة قد تأتى بها موجة التغيير الثانية التى بدأت تجد من يتبناها ويروج لها داخلياً وخارجياً.. إذن لا مناص أمام النظام من التجاوب مرغماً مع التطورات الأخيرة تحسباً من أن تأتى الرياح هذه المرة بما لا تشتهى سفنه.. وبذلك يُغلق الباب فى وجه المزايدين عليه من القوى الوطنية المطالبة بالإصلاح، كما يضمن أيضاً أن يظل زمام المبادرة فى قبضته إلى آخر مدى ممكن، فهل تتحقق هذه التنبؤات؟!

رئيس قسم الشئون العربية بمجلة روزاليوسف








مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة