لم يكن تصريح الدكتور فتحى سرور، رئيس مجلس الشعب، منذ أيام، بتأميم الشركات المتعثرة بعد خصخصتها، مفاجأة، بل كان متسقا مع توجه آخذ فى الاتساع حول إساءة عدد من المستثمرين إدارة الشركات والمصانع التى حصلوا عليها بتسهيلات ضخمة، ولم يقوموا بما كان مفترضا من التطوير وخلق فرص العمل الجديدة .
كان من المفترض وفق الفلسفة المعلنة لوزارة قطاع الأعمال ومن بعدها وزارة الاستثمار، أن يتم بيع الشركات الخاسرة والشركات التى تريد الدولة رفع يدها عنها مثل شركات الأغذية والملابس ودفع القطاع الخاص والاستثمار العربى للقيام بدور رئيسى فى عملية التنمية، عبر ضخ المزيد من رءوس الأموال وفتح الأسواق فى الداخل والخارج، وبالتالى خلق فرص عمل بديلة للعمالة التى تم تسريحها وفق سياسات الخصخصة و فرص عمل جديدة تحجم من نسبة البطالة المرتفعة.
لكن ما حدث أن سياسة الخصخصة تحولت إلى عقيدة للبيع بأى شكل وبأى ثمن، لدرجة منح الشركات والمصانع لمستثمرين غير جادين على أن يسددوا أثمانها بتسهيلات كبيرة ومن خلال قروض تضمنها البنوك الحكومية، أى أن الحكومة سعت للتخلص من شركاتها ومصانعها حتى ولو اضطرت لدفع الثمن من الأرصدة العامة.
وهكذا أصبحت كلمة "مستثمر" كلمة مقدسة ومخيفة يقولها تاجر الخردة والمشهلاتى والسمسار فتنفتح أمامه مغارة على بابا المليئة بعقود السلب والنهب سيئة السمعة وعقود الإذعان التى يدفع ثمنها العمال والمواطنون ويحرقون دمهم فى اعتصامات أمام البرلمان وأمام رئاسة الوزراء ومقار المحافظين.
فى هذا السياق لابد من استعادة تصريحات مختار خطاب، وزير قطاع الأعمال السابق ومهندس عملية الخصخصة، الذى اعترف فى أكثر من مصدر، بأنه أثناء توليه الوزارة، لم تكن له سلطة تحديد سعر شركة أو توجيه حصيلة بيعها للاستثمار فى شركات جديدة، وأن الحكومة استجابت لضغط جماعات معينة فى الحزب الوطنى كانت تنظر للقطاع العام على أنه عدو".
هل آن الأوان لتدرك الحكومة أن الخصخصة ليست البيع وأن بيع الشركات والمصانع لنهابين من أجل المضاربة بأسعار الأراضى ليس الحل الناجع لاقتصادنا؟
هل آن الأوان لتدرك الحكومة أن الرجوع للتأميم ليس عيبًا، وأنه الحل فى أعرق الاقتصادات الرأسمالية أحيانا؟