صار الاعتداء على الحقوق الجماعية للعمال سمة مشتركة بين العديد من شركات القطاع الخاص.. سواء الشركات التى تمت خصخصتها ونقل ملكيتها من الدولة إلى المستثمرين، أو الشركات الاستثمارية التقليدية.. وعلى التوازى من ذلك الاعتداء يبذل عدد من المستثمرين جهدا تآمريا لتدمير الشركات التى نجحوا فى شرائها، تمهيدا لبيع أصولها العقارية وخطوط الإنتاج بمبالغ تفوق عشرات بل ومئات أضعاف السعر المدفوع لشرائها.. وهو ما يعد تخريبا متعمدا لصناعات وطنية عليها أن تشارك فى زيادة الإنتاجية الكلية للبلاد.. وهو ما يتعارض بصورة مباشرة مع مقتضيات الأمن الاقتصادى ويضرب الأمن الاجتماعى فى الصميم فتتفاقم أزمة البطالة وتتراجع فرص النمو الاقتصادى، ويصبح الوطن فى خطر من عمليات النهب المنظمة التى لا تخلو من تواطؤ رسمى من خلال التشريعات المنحازة لرجال الأعمال.. بل ومساعدتهم بدفع رواتب آلاف العاملين" من صندوق الطوارئ بوزارة القوى العاملة "بادعاء مزعوم.. وهو مرور المستثمر بضائقة مالية وعجزه عن سداد التزاماته.. أى أن الدولة بطريق غير مباشر ترد له ما قام بدفعه عند شراء الشركة من القطاع العام!!! بحجة تأمين العمال وحماية الأمن القومى من غضبهم "مثال" طنطا للكتان – امونسيتو – إسكندرية للصلب – سالمكو- المصابيح – تليمصر الخ"، وفى مواجهة هذه الحالة.. فمن الواجب على الدولة أن تقف أمام مسئولياتها دفاعا عن مصالح عشرات الآلاف من العمال المهددين بالتشرد وفقدان المستقبل.
والمواجهة الحاسمة لتلك الحالة يجب أن تكون من خلال إجراءات جذرية تنهى أزمات العمال وتحمى الصناعة الوطنية وتصون الحد الأدنى من الأمان الاجتماعى وتوجه رسالة إلى هذه الفئة من رجال الأعمال المتآمرين علينا والناهبين لثرواتنا.
وينظم الدستور طريقا واضحا على النحو التالى:
تنص المادة 35 من الدستور المصرى على:
"لا يجوز التأميم إلا لاعتبارات الصالح العام وبقانون ومقابل تعويض".
والأصل طبقا لهذا النص هو حظر التأميم..
والاستثناء هو التأميم شرط توافر الاعتبارات المؤدية إليه وهذه الاعتبارات حددها نص المادة.. بالصالح العام" على أن يكون التأميم هنا بموجب قانون ويحصل من تعرض لتأميم شركاته على تعويض مقابل ذلك. وبالنظر إلى الحالات المتكررة والمنتشرة فى قطاعات الصناعة المصرية يتبين توافر الشرط الرئيسى لتفعيل النص وتطبيقه على النحو التالى:-
أولا: بيع أجزاء من أصول الشركات لتحقيق ربحية بما يتعارض مع مقتضيات تطوير العملية الإنتاجية.
ثانيا: الاعتداء على الحقوق الجماعية للعمال "بمصادرة حقوقهم المكتسبة والامتناع عن صرف مستحقاتهم القانونية من علاوات دورية وأرباح وحوافز.. بل والامتناع فى غالبية الحالات عن صرف الراتب الأساسى، مما يؤدى إلى صرفه من خزانة الدولة" صندوق الطوارئ.. ومن صندوق اتحاد العمال فى بعض الحالات.
ثالثا: استدانة عدد من رجال الأعمال أصحاب تلك الشركات من البنوك والاستيلاء على القروض والهرب بها خارج البلاد.
رابعا: تعرض آلاف الأسر لخطر التشرد لفقدان العمال لمصدر الدخل الوحيد وهو راتبهم.
خامسا: تخريب الصناعة الوطنية ووقف أى إمكانية للنمو.. "مثال: قطاع النسيج".
سادسا: تدميرثروات وطنية وتحويلها إلى مجرد أصول عقارية بهدف الحصول على أرباح خيالية لن يستفيد منها سوى المستثمر.
وهنا لابد وأن تبدو الدولة كحاضنة لأبنائها لا لرجال الأعمال ناهبى ثرواتها.. ولابد من البدء فى اتخاذ إجراءات رادعة.. من خلال إصدار قانون يتوافق مع ما نصت عليه المادة 35 من الدستور..
يكون مؤداه:
تأميم الشركة التى تشكل خطرا على الصالح العام حال ثبوت اعتدائها على الحقوق الجماعية للعمال.. واتخاذها إجراءات من شأنها الإضرار بالمصالح الاقتصادية العامة والامن الاجتماعى للمواطنين..
ويملك رئيس الجمهورية إصدار قرار بقانون يقضى بتأميم هذه الشركة أو تلك.. ويملك مجلس الشعب إصدار قانون لذات الغاية..
امتلاك الإرادة والرغبة فى دعم العمال والحفاظ على ثرواتنا ودفاعا عن مستقبل البلاد.. يجب أن يتبلور فى مطالبة رئيس الجمهورية ومجلس الشعب بسرعة إصدار قرار بقانون أو قانون استنادا إلى الدستور المصرى يقضى بتأميم تلك الشركات الناهبة لخيراتنا والمعتدية على حقوق عمالنا.
* مدير مركز نبيل الهلالى للحريات.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة