كم مرة سمعنا تصريحات الأنظمة العربية التى تعترض على السياسات العدوانية الإسرائيلية .. كثير جدا، كم مرة سمعنا أو قرأنا تصريحات من نوعية " الوضع المتدهور فى المنطقة.. فى إطار المستجدات الخطيرة.. إسرائيل تنسف جسور السلام الممتدة.. اجتماع عاجل لوزراء الخارجية العرب. فلان وفلان يحذران من خطورة الأوضاع فى المنطقة، وعلان يحذر تحذيرا قويا.. كل هذا ومثله تماما يجرى بينما إسرائيل تواصل مساعيها لتهويد القدس، وبناء كنيس مكان المحكمة الشرعية وتنوى أن تتقدم خطوة خطوة لابتلاع القدس الشرقية لتصبح إسرائيلية.. الفلسطينيون يحاولون منع التهويد لكن الآلة العسكرية الإسرائيلية تواصل القمع والسحق. المتصدون هنا هم الفلسطينيون العزل، بينما الفصائل الفلسطينية، المدججة أو المسلحة تواصل محاربة بعضها، وكل فريق يجمع توقيعات وبيانات لإدانة الفريق الآخر. اختفت حماس واختفت فتح، والسلطة من المواجهة . وإسرائيل تعلم أن الأنظمة العربية بأنواعها لاتملك أكثر من إصدار البيانات والاكتفاء بالتحذير العادى، أو المجسم، مع ما تيسر من الشجب والاستنكار.
الأنظمة العربية بأنواعها المختلفة، معتدل، ممطر، جاف، حار.. كلها على سبيل الحصر تتجاهل الأمر أو تلقى بتصريحات وتشكو من إسرائيل وتطالب أمريكا بالتدخل وأوروبا بالتصدى.. لافرق بين نظام معتدل أو منقلب. ليس لدى أى من كبار أو صغار المتسلطين العرب شيئا يقدمونه غير التصريحات، الذين اعتادوا إطلاقها قبل الذهاب للنوم.
وسوف تسمع من الجامعة العربية بيانات وتصريحات من عينة "الجامعة تحذر من خطورة الأوضاع فى المنطقة وتدعوا لاجتماع عاجل لتدارس الوضع"، الدول العربية "السلاماتية" أعلنت أن عملية السلام ماتت بالتهاب اللوزتين، وعلى أمريكا التدخل لوقف التهويد الإسرائيلى، وأمريكا لن تتدخل لأنها لاتهتم لا بأصدقائها ولا بأعدائها الذين يشتمونها ويبعثون إليها برسائل. رأينا تصريحات للرئيس السورى بشار الأسد يحذر "من خطورة بقاء الأوضاع فى المنطقة بسبب تعذر تحقيق السلام فى ظل غياب الشريك من الجانب الإسرائيلى"، مع إضافة مرعبة من نوعية " أن الحكومة الإسرائيلية الحالية لا يمكن اعتمادها كشريك طالما أنها تقابل دعوات السلام بمزيد من الاستيطان والتهويد وانتهاك الأماكن المقدسة.". كلام لا يعنى شيئا ولا يختلف عن التصريحات المصرية أو السعودية أو الأردنية.
الفلسطينيون وحدهم هم من يتصدى بجسدهم للتهويد والبلدوزرات والاجتياح. الفلسطينى العادى الذى لا يشجع أيا من الفريقين المتلاعبين، الفلسطينى الذى لا يشارك فى سلطة عباس أو سلطة حماس. اللذان لا يهتمان بشىء غير البحث عن سلطة ناقصة.
الذين غضبوا فعلا وتظاهروا هم المواطنون العرب الطلاب فى الجامعات والناس فى الشوارع، أما الأنظمة والجامعة والفصائل فهم نائمون تقريبا.. انتظارا لمساع حثيثة تنقلهم من خانة المفعول به إلى خانة مفعول به. وسوف تواصل إسرائيل عدوانها بينما يواصل العرب مساعيهم نحو مزيد من التحذيرات .. مضافا إليها تحذيرات.