بداية نبارك لفضيلة الإمام الأكبر الجديد شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب ونقول أننا نتفاءل به خيرا فى المنصب الدينى الكبير الذى مازالت له فى نفوس المسلمين فى أنحاء العالم الإسلامى مكانة وقيمة مستمدة من دوره التاريخى فى نشر الدعوة الاسلامية ذات الوجه السمح والمتسامح والفكر الوسطى المعتدل.
لن نسرد فيما جرى من تراجع وارتداد لدور الأزهر الشريف جامع وجامعة فى محيطه العربى والإسلامى والأفريقى خلال السنوات الماضية وإشعاعه العلمى والثقافى والذى كان جزءً أصيلا وفاعلا فى دور مصر وقوتها "اللينة" فى دول العالم الثالث والممتد من جنوب شرق آسيا حتى قارة أفريقيا.
لن نزيد فيما جرى من الجدل الذى دار حول منصب له مهابة وقدسية مثل منصب ومكانة شيخ الأزهر كان المرجع فى أوقات الشدة والأزمات لكل طوائف الشعب المصرى وكانت له وقفات نضال مجيدة ضد كل أشكال الظلم والعدوان والاحتلال.
البعض سوف ينفى من منطلق اعتزازه بالأزهر كقلعة السنة فى العالم الإسلامى فى مواجهه الأفكار المتطرفة وجماعات العنف ولكن علينا أن نعترف أن هناك مرحلة تراجع فيها الإشعاع والدور الحضارى للأزهر فى مواجهه أفكار أخرى أفرزت وجه عنيف ورجعى للدين الحنيف نتج عنه جماعات لاترى سوى الدم والسلاح سبيلا للدعوة والتغيير واعتبار الآخر " كافرا" لا يستحق حوارا ويجب قتله وتدميره.
إن هناك تحديات ومهام صعبة أمام فضيلة شيخ الأزهر الجديد الدكتور أحمد الطيب لاعادة بهاء وإشراق الأزهر من جديد وجعله قبلة حقيقية لطلاب العلم والثقافة الاسلامية الوسطية من كافة أنحاء العالم مثلما كان فى الماضى من خلال مدينة البعوث الإسلامية التى كانت "مفرخة" لطلاب تبوءوا مناصب مهمة فى دولهم وظلوا على ولاءهم لمصر وأزهرها يفاخرون بانتماءهم له وكانوا خير رسل وسفراء فى بلادهم.
وأتذكر أننى التقيت فى رحلة فى جنوب تايلاند بأحد الأطباء الشبان من خريجى الأزهر وكانت فرحته طاغية وانطلق يتحدث معى باللهجة العامية المصرية عن مصر والأزهر وحوارى القاهرة.
كان هو الطبيب والمدرس والامام لفقراء بلدته الذين ينهلون منه دروس دينية تعلمها فى الأزهر الشريف خلال 7 سنوات قضاها فى كلية طب الأزهر. وتصوروا معى كم من أمثال هذا الطبيب من خريجى المدرسة المصرية للأزهر انتشروا فى أنحاء العالم الاسلامى منذ إنشاء مدينة البعوث الاسلامية فى الستينات وأصبحوا رؤساء ووزراء وكبار مسئولين وأئمة ودعاة وأطباء ومدرسين بأفكار الأزهر وبروح مصر العربية.
التحدى الآخر هو إعادة الهيبة لمنصب شيخ الأزهر والنأى به عن الدخول فى معارك صغيرة وفتاوى مثيرة للجدل تفرق ولاتجمع وجعله المنصب المرجعية فهذا المنصب تشرف به شيوخ عظام من أمثال الشيخ محمد مصطفى المراغى والبشرى والعطار ومصطفى عبد الرازق وشلتوت وعبد الحليم محمود وجاد الحق.
أما مسألة تجديد الخطاب الدينى فى قضية حيوية ومصيرية سوف تواجه الشيخ الطيب لانقاذ الأمة من دعاة المقاهى والميكروباصات والفضائيات.
ثم هناك الضرورة الآن لإعادة النظر فى التعليم داخل الأزهر والوقوف على تدنى مستوى خريجى جامعاته.
إنها تحديات تواجه الشيخ الجديد فى طريق مستقبل الأزهر وتطويره مرة أخرى لكى يعود شامخا ومشرقا.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة