قرار المجلس الخاص بمجلس الدولة أمس، بإرجاء تعيين الإناث والذكور إلى يوليو المقبل، ليس هو الحل للأزمة التى تسببت فيها الجمعية العمومية ومن بعدها المجلس الخاص، فيمكنك أن تعتبرها هروباً للأمام الهدف منه عدم الاعتراف بانتهاك القانون.
بل ويمكنك القول إنه التفاف على حكم المحكمة الدستورية، الذى قال بحسم، إن القانون لا يفرق بين رجل وامرأة، ومن ثم فالأمر ليس بحاجة إلى تشكيل لجنة لكى تقوم بعمل "دراسة متأنية"، ولم يكن بحاجة لأن تصدر اللجنة المفوضة من الجمعية العمومية لمستشارى مجلس الدولة بياناً يوم 15 مارس الماضى، تقول فيه إن ما نشر فى وسائل الإعلام عن حسم المحكمة الدستورية العليا لمسألة تعيين المرأة قاضية فى مجلس الدولة هو أمر مخالف للحقيقة والواقع، إذ أن الموضوع المعروض على مجلس الدولة هو مدى ملائمة تعيين المرأة قاضية فى الوقت الحالى، وهو ما لم يكن محلاً لطلب التفسير الصادر عن المحكمة الدستورية.
فكل هذه التفافات على الأصل، فحسب ما كتبته المستشارة الجليلة تهانى الجبالى نائب رئيس المحكمة الدستورية العليا منذ عدة أيام فى جريدة الشروق، أنه لا يجوز الاستفتاء على حق دستورى يتعلق بأصل الحق ذاته، بغير اختصاص، وهو ما يعنى بوضوح ليس من حق أى قاضٍ ولا من حق أى مؤسسة قضائية أن تخالف الدستور والقانون تحت أى زعم، ومن ثم فليس من حق مستشارى مجلس الدولة تأجيل تنفيذ الدستور والقانون بأى حجة مهما كانت، لأن التأجيل هو فى جوهره تعطيل للقانون وتعطيل للحقوق التى أقرها الدستور.
ثم أن القضاة، مع كامل الاحترام لهم، ليس دورهم التشريع، فهذه مهمة المؤسسة التشريعية طبقاً للدستور، لكن مهمتهم الأولى والأخيرة هى تنفيذ القانون حتى لو اختلف مع آرائهم الشخصية.
فالقضاة كما كتبت وكتب غيرى ليس الاستقلال بالقضاء، ولذلك لن يكون الإرجاء مفيداً، أى تأجيل الأزمة والهروب للأمام.. لكن الإقرار بأن الجمعية العمومية لمجلس الدولة مع كامل الاحترام لأعضائها تجاوزت الحدود المسموحة لها بالقانون.. ولابد أن تعود كما كانت دائمة حارسة للعدالة، بدلاً من العناد الباطل.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة