علينا ألا نشعر بالحرج أو البله ونحن نتفرج على القمة العربية، أو الوضع العربى وموقف أصحاب الجلالة والفخامة أعضاء القمة الدورية، لأننا بصراحة لانعرف ماذا يخبئون لنا، وعلينا ونحن نتناول مواقفهم أن نرتكز على مفاهيم التوازن الاستراتيجى من أجل "التيكتيكيا"، على أساس أن الأمر ليس سبهللة، وأن العالم كله يجب أن يعلم أن العرب لديهم قمة، تنعقد كل عام فى موعدها مع القدر، وتدرس الأوضاع القائمة بشكل مفصل، ثم بشكل جزئى، ثم تعيد تجميع الأفكار فى سلة واحدة، وبعدها تصدر بيانا، تدين فيه الحاجات وتدعو إلى "رأب الصدع" أو صدع الرأب أيهما أقرب.
ولاشك أن الدول العربية نجحت نجاحا مهولا، لأنها حافظت على الانعقاد الدورى للقمة، حتى لو كان نصف الزعماء مخاصمين النصف الآخر، وأن الاختلاف عادة يكون حول كمية المبادرات التى تصدر عن القمم، وهل هى مبادرات جاهزة أم تفصيل، و هذه المبادرات يمكن إعادة استخدامها، وتدويرها، لأنها مبادرات صديقة للبيئة، تستخدم فى لبنان ودمشق وتونس والرياض.
ومع كثرة مبادرات القمة لم تنجح أى قمة فى إطلاق مبادرة للإصلاح بين الفلسطينيين، أو بين الزعماء وبعضهم ولو على سبيل السياحة.
وإذا نظرنا إلى الواقع الواقعى انطلاقا من الواقع الموضوعى نكتشف أن الزعماء العرب ينطلقون من أوليات القواعد المرئية للقمم العربية، والأساسات المرعية للعلاقات الدولية، وينتظرون أن يتمخض أوباما أو تتمخض هيلارى، حتى يمكنهم البناء على الأراضى الزراعية، وإنقاذ القدس من براثن الجيش الإسرائيلى، الذى يبدو انه لم يرد أن يزيد من إحراج زعماء القمة، وخفف من الضغوط قليلا. لكن الزعماء فى انتظار مشروع أمريكى يرفع عنهم الحرج على اعتبار أن الموجود خير من المحشور.
وفى هذا الإطار، فان الحكام الزعماء الرؤساء الذين اجتمعوا فى القمة ـ وكل خد عليه خوخة ـ أظهروا العين الحمراء لبعضهم وشعوبهم تأكيدا على الوضع الدائم هناك على اعتبارات التوازن الأمنى فى منطقة شبه منحرفة، وبفضل التقدم التكنولوجى فإن أغلب الزعماء فى القمة ينتمون إلى أنظمة حكم مزمنة، تواجه شعوبها بكل حسم وطوارئ وترى أن السلام خيار.
ولا يمكن لمنصف أو فوزى أن يظن أن الزعماء والقادة العرب يلعبون أو أنهم مقصرون أو مرتبكون لا يعرفون ماذا يفعلون، بينما هم لا ينامون الليل ولا النهار ويرسلون التحذير تلو التحذير من تفاقم الوضع، ثم يتريثون ويدرسون الموقف عن كثب ومن نواحى عديدة من الغرب والشرق والشمال والجنوب ومع تأكيدهم أنهم لا يريدون الحرب، ولا حتى يجيدون شن السلم، يجتمعون فى كل قمة، على اعتبار أنها خير من سؤال اللئيم.. ولا أحد يعرف أين يسكن اللئيم.