لن تنتهى المعركة الشرسة بين نواب مجلسى الشعب والشورى وبين القائمين على العلاج على نفقة الدولة، والسبب أن الطرفين محشوران فى ظل نظام علاجى بطبيعته يسمح، بل ويشجع التجاوزات، بل ويجعل شخصية بقامة الدكتور فتحى سرور، رئيس مجلس الشعب ورجل القانون، يعتبر أن استيلاء بعض النواب (من الحزب الوطنى ومعارضيه) على حق المصريين فى العلاج "شطارة".
ليس من المفيد تحويل الدكتور محمد عابدين، رئيس المجالس الطبية، إلى شيطان رجيم، فهو الذى يحرم النواب بخشونة من القرارات التى يتصورون بالباطل أنها من حقهم. ولا أيا من قيادات وزارة الصحة بما فيهم الوزير مسئول عن الوصول إلى "الحارة السد"، بل دعنى أقل إن الأولى بالحساب، هو النواب (أكرر من الحزب الوطنى ومعارضيه)، هم الذين يريدون أن يكون لهم استثناء على حساب الغلابة من المصريين الذين "ليس لهم ضهر"، وذلك لتحقيق دعاية انتخابية لهم ستكون حتما سندا فى الانتخابات القادمة، ولكنهم بالطبع لا يدفعونها من جيوبهم.
ومع ذلك فما يفعله النواب مزاجا سائدا فى البلد، ولذلك لن تجد معايير عادلة تساوى بين الوزراء وزوجاتهم وأقاربهم الذين يعالجون بالملايين على نفقة الدولة، فى حين أن المواطن الفلانى الساكن فى حارة لن يعامل بالمثل.. إنه مزاج فاسد مبنى على مجاملات ومصالح فاسدة.
وأظن أن الحل ليس فى الإبقاء على هذا النظام العلاجى المهين والفاسد، ولست مع من كتبوا مطالبين بالإبقاء عليه خوفا من القادم، فهذه الطريقة فى التفكير هى التى تعطل تطوير أى منظومة فى البلد، رغم فسادها الفج، انطلاقا من نظرية "اللى نعرفه أحسن من اللى منعرفوش"، فهذا المنطق المعوج على سبيل المثال هو الذى يسد أفق صياغة قانون بديل لنقابة الصحفيين رغم عورات الفجة، ورغم أنه أصبح معطلا حقيقيا لتطور المهنة، وبدلا من النضال من أجل قانون محترم، تجد من يناضل لإبقاء الوضع المزرى على ما هو عليه.
بالمنطق ذاته لابد من إلغاء قرارات العلاج على نفقة الدولة، وإلغاء أشكال النظام العلاجى فى بلدنا.. والانتقال بشجاعة لإدارة حوار مجتمعى حول قانون يساوى بين المصريين، أغنياء وفقراء، فى السلطة أو خارجها، ويوفر لهم العلاج أيا كانت تكلفته وأيا كان مكان العلاج.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة