تحدثنا بالأمس عما أثاره الأديب المتألق علاء الأسوانى باتهام الفكر الوهابى عما أصاب المجتمع المصرى من تدهور، ورد السيدة الكويتية عليه، واستكمل الرغبة فى الثراء بأى طريقة ما، كان السفر إلى الخارج من بين عواملها، وتزامن كل ذلك مع بدايات خلخلة فى البيئة الثقافية، وبدايات هجوم كاسح على المشروع الناصرى الذى ساد فى الخمسينيات والستينيات، وأصبح العدو ممثلا فى أمريكا صديقا تتوجه إليه كل بوصلة فى الاختيارات السياسية، وأصبح الصديق ممثلا فى الدول العربية مثلا عدوا، وزادت حدة ذلك مع توقيع اتفاقية كامب ديفيد واستئناف علاقات مصر مع إسرائيل.
ولا يمكن فى هذا الرصد إغفال عودة جماعة الإخوان المسلمين إلى النشاط العام، ومن يريد أن يعرف إلى أى مدى ساهم الإخوان فى تسييد حالة السلفية فى المجتمع ودور الفكرى الوهابى فى ذلك، فليراجع مذكرات القيادى الإخوان البارز الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح، المنشورة فى جريدة الشروق منذ شهور، وقال فيها أنهم أثناء دراستهم الجامعية كان يصلهم أسبوعيا مئات الكتب من السعودية التى تدعو إلى الفكر الوهابى، وكانوا يتبادلونها جميعا كمادة تثقيفية، وجميعها كانت تدعو إلى التشدد، وعلينا أن نتخيل شكل المجتمع، لو أضفنا جماعات الإسلام السياسى الأخرى التى كانت تتخذ من العنف وسيلة للتعبير مثل الجماعة الإسلامية، والجهاد والتكفير والهجرة.
فى هذا السياق كانت العودة من الهجرة إلى دول الخليج، مصحوبة بحالة جديدة من التدين المتشدد وكان الفكر الوهابى هو الخلفية لذلك، وحين أتعرض إلى هذه المسألة أتذكر دائما قصة قريب لى سافر إلى السعودية، وكان مستنيرا إلى حد كبير وفى نفس الوقت يعرف ربه عقيدة وعبادة، وبعد نحو عامين عاد وعند زيارته فوجئت به يتحدث عن أن التليفزيون حرام والغناء والموسيقى حرام.
كل ما ذكرته يدخل فى التشخيص، لكن السؤال الهام الذى طرحته السيدة الكويتية وهو: "لماذا لم تستطع مصر مقاومة مثل هذه الأفكار التى جاءت إليها"، و"لماذا لم تصبغ هذه الأفكار بصبغة مصرية؟" وهل ذلك دليل على ضعف المفكرين فيها؟
هذه الأسئلة تحتاج إلى مدى واسع للإجابة عليها، وأدعو كل المساهمين بالتعليق إلى المشاركة فى الإجابة عليها.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة