الحياة فى مصر مواسم.. هكذا ببساطة لكل شىء موسمه المحدد والمعروف سلفا، بحيث يصبح من السهل على كل متابع للشأن المصرى أن يتوقع ماقد يحدث قبل أن يحدث بشهور أو سنوات إن أراد.. أنت تعرف بالضرورة أن الأيام التى تتبع عيد الفطر المبارك هى موسم مقدس للزواج ولا يمكن أن تسير فى شارع من شوارع مصر دون أن تسمع زغرودة الفرح، وتعرف بالضرورة أيضا أن شهور الصيف هى الموسم المقدس لعرض الأفلام العربية، وتعرف أيضا أن شهر رمضان هو موسم الأكل والياميش والمسلسلات، والآن وبعد 5 سنوات من تكرار الأزمة أعتقد أنك أصبحت تعرف بالضرورة أن شهور الشتاء هى موسم أزمة الأنابيب وطوابيرها.. وعلى رأس قائمة تلك المواسم وغيرها يأتى الموسم الأهم فى مصر كلها.. موسم الانتخابات الذى يلد بدوره عددا من المواسم المنسوبة إليه مثل موسم البلطجية وموسم ظهور النواب فى دوائرهم بعد خمس سنوات من الاختباء، وموسم الخطاطين الذين يأكلون عيش من لافتات الدعاية، وموسم وسائل الإعلام التى تجد ماتنشره وتذيعه طوال العام بإستثناء الكوارث إذا حدثت، وموسم الأحزاب التى تظل ديكورية طوال العام وتأتى الانتخابات لتمنح بعض أشخاصها فرصة الظهور السياسى التلفزيونى، وبالإضافة إلى تلك المواسم التابعة للموسم الانتخابى يبقى الموسم الأهم وهو موسم الكذب الذى يتحول معه الحزب الوطنى الديمقراطى إلى الحزب الديمقراطى الأمريكى وتسمع فيه كلام عن مصر وكأنها سويسرا، وتتحول فيه الحياة إلى اللون البمبى بفضل تصريحات السادة الوزراء والسادة الكبار فى الحزب الحاكم فى محاولة لكسب عطف وود الجمهور قبل المعركة الانتخابية.
ورغم أن الحزب الوطنى يجتهد فى كل موسم انتخابى لابتكار أكاذيب جديدة بعد أن اكتسب الشعب حصانة تكذب بالفطرة أى تصريح يتحدث عن المستقبل المشرق وأزهى عصور الديمقراطية، فإن أخطر أكاذيب الحزب الوطنى وأكثرها فجاجة هى تلك المرتبطة به على الدوام والتى يمكننا أن نحصرها ببساطة فى 8 أكاذيب شهيرة لا يمكن للحزب أن ينفصل عنها ولا يمكن أبدا أن تتحول هى فى يوما ما إلى حقائق حتى لو زارتنا تلك الجنية الطيبة التى حولت أحلام سندريلا إلى واقع.. الأكاذيب الثمانية تبدو عبقرية ومتنوعة سنبدأ اليوم بالأربعة الأجمل والأشهر منها..
- الحزب الديمقراطى: رسميا يقدم الحزب الوطنى نفسه للناس على أنه ديمقراطى سواء كان من خلال اسمه "الحزب الوطنى الديمقراطى" أو إدعائه بأنه يقر ويشجع الممارسات الديمقراطية فى البلد التى يحكمها، أو داخل أروقة الحزب نفسه.. حكم الحزب على نفسه فى ساعة صفا بأنه حزب ديمقراطى ولم تدفعه كافة الممارسات التى تشهدها البلد طوال السنوات الماضية إلى مراجعة نفسه أو تأنيب ضميره السياسى أو حتى التحسين من بعض الأفعال حتى يتناسب ماهو مكتوب فى الورق وأعلى المقرات الحزبية فى مختلف المحافظات مع مايجرى على أرض الواقع ولو بنسبة 1إلى 1000000.
- يعبر للمستقبل: مع "عبارة" الحزب الوطنى أرض المستقبل بعيدة، بل ربما لن تظهر لك أبدا،ولأن سؤال المجرب أحسن من سؤال الطبيب فإن إجابة الجيل الذى وصل سنه إلى الخمسين ولم يعد ينتظر مستقبلا ستؤكد لك أنه لم ير من المستقبل الذى وعده الحزب الوطنى بالعبور إليه على ظهر سفينته سوى القاع، الأرقام والتقارير الرسمية والدولية ومشاهدات المواطنين اليومية تسجل ارتفاعا شهريا فى الأسعار بنسبة 15% كما رصدته جريدة لوس أنجلوس الأمريكية ورصدت بصحبته أيضا انخفاض دخل المواطن المصرى وصعوبة تتطوره، وتسجل أيضا ارتفاعا فى معدلات الفساد، وخسائر كبرى بسبب عمليات الخصخصة الغير مدروسة، ومشروعات فاشلة لن تجدى نفعا لأنها بلا جداول دراسة أو خطط محكمة، وفوضى سياسية بسبب تعطل عملية الإصلاح السياسى، وفوضى إجتماعية بسبب إتساع الفجوة بين الفقراء والأغنياء فى مصر واختفاء الطبقة المتوسطة كما ذكر تقرير الأمم المتحدة الاقتصادى عن مصر،وللمستقبل أيضا تسجل المنظمات الدولية وبعض العلماء المصريين كارثة بيئية محققة بسبب موجة الاحتباس الحرارى التى لم تستعد مصر لمواجهتها بعد وما قد تسببه من غرق كامل لأراضى الدلتا، وبهذا يثبت لك أن المستقبل فى خطط الحزب الوطنى ماهو إلا كذبة لتخدير الناس عما يحدث فى الحاضر.
- لونه المفضل الأخضر: يعرف الناس اللون الأخضر كرمز للرخاء والنماء، ويتخذه الحزب الوطنى كلون رسمى ومن يومها والناس لم تعد ترى فى اللون الأخضر لا رخاء ولا خير ولا أى نماء، ترتفع أعلام الحزب الوطنى ولوحاته الإعلانية بلونها الأخضر المميز لتكسو الحوائط وشاشات التلفزيون فى محاولة لاستغلال الدلالة الرمزية للون الأخضر ولكن العلاقة بين لون الحزب الوطنى الأخضر والرخاء علاقة عكسية تماما، فكلما زاد تواجد الحزب الوطنى بلونه الأخضر فى الحياة السياسية المصرية كلما قل رخاؤها فى شتى المجالات وكلما زادت اللوحات الإعلانية الخضراء بشعار الحزب الوطنى المميز كلما تراجعت التنمية إلى الخلف وأصبح الكلام عنها مثل الحديث عن المشمش فى غير أوانه.. حديث جاف ومجفف وبدون طعم.
- الفكر الجديد: أصبح الفكر الجديد هو أسطورة الحزب الوطنى الآن، والديانة الجديدة التى بعث بها نجل الرئيس ليتقلد مقعدا متقدما فى الحزب وفى الحياة السياسية عموما، الفكر الجديد الذى قال عنه عضو فى لجنة السياسات إن عمره سنتنان ونصف أى فكر فى مرحلة الفطام السياسى، ينافق المنافقين من أجل التأكيد على أنه أمل مصر حتى من قبل أن تظهر له ملامح ويؤكدون على أن الحزب عاد شابا من جديد بسبب حبات الفكر الجديد الذى يتعاطاها كل سنة، وصحيح لا يمكننا أن ننكر الطفرة التى أحدثها الفكر الجديد فى الحزب القديم والتغييرات التى فعلها فى الحزب بداية من إعلانات التلفزيون بتاعة "شباب الجيل.. أوه أوه" وحتى ظهور أحمد عز ليحل محل كمال الشاذلى، هذا هو ما أطلقوا عليه فى الحزب الوطنى فكرا.. وللأكاذيب بقية نشرحها فى الغد..
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة