منذ سنوات، تسعى إسرائيل للفوز بقدر من مياه النيل لسد النقص الكبير فى احتياجاتها المائية.. لم يكفها سرقة المياه الفلسطينية من الآبار الجوفية وتحويلها إلى المدن والمستوطنات اللبنانية والمياه اللبنانية من نهر الوزانى ولا مياه بحيرة طبرية السورية التى تضع يدها عليها بالكامل، ولا المياه الجوفية فى سيناء التى تستولى علي جزء منها عبر ماكينات شفط تحت الأرض على الحدود المشتركة.. لا، هى تريد المياه الصافية العذبة التى تتموج بهدوء بين ضفتى النهر الخالد.
ولما كانت مياه النيل ليس لها أجنحة على حد وصف أصفاو دينجامو وزير الموارد المائية والرى الأثيوبى، فى تعليقه على عدم إمكانية تصدير بلاده المياه لإسرائيل، ولما كانت إسرائيل متأكدة أنها أسيرة الجغرافيا، وأن لا أمل لها ولو ضئيلا بالحصول على مياه النيل إلا عبر قنوات مشروع مثل ترعة السلام ومنه إلى "النقب"، فقد عمدت منذ سنوات إلى تأكيد وجودها فى دول حوض النيل وتأليبها على مصر بهدف الوصول إلى صفقة سياسية مائية تتجاوز بها الرفض الدائم من صناع القرار فى مصر لعملية نقل المياه إلى النقب، خاصة وأن الاتفاقيات الملزمة لدول حوض النيل تمنع نقل المياه خارج حدود دول الحوض.
الحل إذن هو الضغط ومزيد من الضغط المدفوع من قبل دول حوض النيل على حصة مصر المائية، عن طريق إقامة المزيد من السدود على الأنهار المغذية للنيل فى أثيوبيا وكينيا وأوغندا، مع المطالبة بإلغاء الاتفاقيات التاريخية الموقعة بين مصر ودول الحوض خاصة اتفاقية 1929، 1959 والتى تتحدد من خلالهما حصة مصر المائية بـ55 مليار متر مكعب سنوياً، تحت ذريعة أنها اتفاقيات تم توقيعها فى عهود الاستعمار، وآن الأوان لاستبدالها والتوافق بين دول الحوض جميعها على إعادة توزيع الحصص المائية، مع إلغاء شرطين أخريين يتعلقان بضرورة الحفاظ على الأمن المائى لكل دول الحوض وضرورة الإخطار المسبق لدولة المصب مصر والسودان دولة العبور قبل إقامة أى سدود على منابع النيل قد تمس حقوق مصر والسودان تحديداً.
ما يحدث حالياً أن دول الحوض بالفعل أقامت العديد من السدود التى تؤثر على حصة مصر من المياه، وتطالب باتفاقية جديدة، يتم وفقها تقليل حصة مصر المائية ، مع إلغاء شرطى الأمن المائى والإخطار المسبقين، مما يعنى حصار مصر مائياً، بل إن دول الحوض باستثناء السودان تهدد بتوقيع الاتفاقية الجديدة بدون مصر والسودان فى مايو المقبل، يسندها فى ذلك دعم مالى وتكنولوجى أمريكى وإسرائيلى وصينى لافت ، و النتيجة الحتمية له هو خنق مصر مائياً ودفعها إلى القبول بصفقة سياسية لإنقاذ ما يمكن إنقاذه عن حصتها المائية.
والسؤال الآن: كيف وصلت السياسة المصرية إلى هذه الدرجة من الفشل فى إقليم إستراتيجى يتعلق بشريان الحياة للمصريين.. النيل؟
البحث عن إجابات للسؤال فى مساحة مقبلة إن شاء الله.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة