حافظ أبو سعدة

الرقابة على الانتخابات وضرورة تعديل بالقانون!!

الخميس، 01 أبريل 2010 07:53 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لو سألنا أى مواطن مصرى هل يثق فى أن الانتخابات القادمة سوف تكون حرة ونزيهة ومعبرة عن إرادة الناخبين؟، بالتأكيد الإجابة سوف تكون بالنفى، لاسيما بعد تعديل الدستور المصرى المادة 88 الخاصة بالإشراف القضائى على الانتخابات، لقد عادت الانتخابات بموجب هذا التعديل إلى ما قبل عام 2000، عندما كانت الانتخابات يتم الطعن عليها أمام محكمة النقض والتى تنتهى المحكمة إلى بطلان الانتخابات فى معظم الدوائر كنتيجة لتخلى الجهة الإدارية فى النتائج. فهل يتم اتخاذ إجراءات وتدابير بموجبها نعيد الثقة للمواطن فى العملية الانتخابية.

تشكل الانتخابات الحرة والنزيهة الأداة الأساسية المعبرة عن إرادة جموع الشعب، كما أنها الوسيلة التى يتم من خلالها تشكيل المجالس التشريعية، وإدارة عملية تداول سلمى للسلطة، الأمر الذى يكسب هذه العملية أهمية قصوى، ومن هنا كان الاهتمام بعملية مراقبة الانتخابات كضمانة أساسية لحياد ونزاهة الانتخابات.

وستشهد مصر عامى 2010، 2011 انتخابات رئاسية وبرلمانية تعد نقطة فارقة فى تاريخ الدولة المصرية الحديثة، ويأتى فى مقدمة هذه الأساليب والإجراءات، عملية الرقابة المحلية للعملية الانتخابية من قبل منظمات المجتمع المدنى التى شهدت مرارا رفضاً من قبل الحكومة مثلما حدث فى انتخابات 1995 وانتخابات 2000، ولكنها قد تراجعت ذلك فى عام 2005 بعد نجاح المنظمات فى الحصول على حكم قضائى بذلك.

وقد جاء الحصول على هذا الحكم بعد نضال طويل من قبل منظمات المجتمع المدنى، إذ تقدمت تلك المنظمات بطلب للجنة العليا للانتخابات ولكنه قبول بالرفض، الأمر الذى دفع عددا من منظمات المجتمع المدنى من بينها المنظمة المصرية لحقوق الإنسان وجمعية تنمية الديمقراطية والمنظمة العربية للإصلاح الجنائى والجمعية المصرية للنهوض بالمشاركة المجتمعية فى التاسع والعشرين من أكتوبر 2005، بإقامة دعوى أمام القضاء الإدارى للطعن على القرار السلبى للجنة العليا لمراقبة الانتخابات والمتضمن الامتناع عن تمكين منظمات مجتمع المدنى وحقوق الإنسان من متابعة العملية الانتخابية فى كافة مراحلها، بدءا من الترشيح والاقتراع وانتهاء بإعلان النتائج دون اشتراط التنسيق مع جهة أخرى، وكانت اللجنة العليا للانتخابات قد وافقت على متابعة الجمعيات للانتخابات، لكنها ربطت هذه المتابعة بالتنسيق مع المجلس القومى لحقوق الإنسان، وعلقت حضور الجمعيات لأعمال الفرز على تقدير رئيس لجنة الفرز واللجنة العامة.

وقد جاء حكم القضاء الإدارى فى السادس من نوفمبر معززا لحق المجتمع المدنى فى المراقبة بصفة مستقلة ومنتهيا إلى وقف تنفيذ القرار الطعين، حيث أكدت حيثيات الحكم على أن إشراف القضاء على الانتخابات لا يتعارض معه ما يعهد به إلى الجمعيات ومنظمات المجتمع من أعمال متابعة لهذه الانتخابات توثيقا لعملية الانتخاب، ورصدا لما يجرى فيها سلبا وإيجابا ليكون رأيها تحت نظر السلطات المختصة ووصولا إلى شفافية العملية الانتخابية ونزاهتها، وأضافت الحيثيات أن الاختصاصات المعهودة بموجب القانون للمجلس القومى لحقوق الإنسان لا تفرض على منظمات المجتمع المدنى واجب التنسيق معها باعتبارها شخصيات معنوية مستقلة تمارس دورها تحت إشراف الدولة، وانخراطها فى متابعة عملية الانتخابات يرتبط لزوما بأن تكون علاقتها مباشرة مع اللجنة العليا للانتخابات المناط بها تنظيم عملية الانتخاب بكافة جوانبها.

وأضافت الحيثيات أن عملية الانتخاب متعددة المراحل، وأن إسقاط متابعة المنظمات لمرحلة منها ينال من مصداقية وسلامة عملية المتابعة ذاتها، ولا خلاف على أن عملية فرز الأصوات تمثل النتيجة الحاسمة لعملية التصويت ووجود ممثلى منظمات المجتمع المدنى فى لجان الفرز يكمل حقها فى متابعة أعمال الانتخابات.

وبرغم صدور هذا الحكم إلا أن المحكمة الإدارية العليا ألغت هذا الحكم استنادا إلى تحصين قرارات اللجنة العليا للانتخابات ضد الطعن عليها قضائيا فتمت انتخابات الرئاسة فى ظل مراقبة تلك المنظمات من خارج اللجان فقط، وإن سمح بعض القضاة للعديد من المراقبين بالدخول إلى داخل اللجان ومباشرة أعمال المراقبة من الداخل، ثم أعيد الجدل مرة أخرى قبل بدء الانتخابات البرلمانية حول مدى أحقية منظمات المجتمع المدنى فى مراقبة العملية الانتخابية من داخل اللجان، حتى تمت موافقة اللجنة العليا للانتخابات على السماح لمنظمات المجتمع المدنى بالمراقبة على الانتخابات من داخل اللجان.

وتخوفاً من الدخول فى جدل مرة أخرى حول أحقية منظمات المجتمع المدنى من القيام بأعمال الرقابة الوطنية للانتخابات التشريعية والرئاسية القادمة برغم حصولها على حكم قضائى بذلك، فإننا نؤكد مدى أهمية تعديل قانون مباشرة الحقوق السياسية رقم 73 لسنة 1956 وتعديلاته بالقانون رقم 173 لسنة 2005، على النحو الذى يضمن تمكين تلك المنظمات من المراقبة داخل وخارج اللجان الانتخابية، مع ضرورة أن تكون عملية الفرز علانية، وتمكين المرشحين ووكلائهم والمنظمات من حضور فرز كل صندوق، على أن يتم الفرز بالمقر الانتخابى ، وتسليم نسخة من كشف فرز كل صندوق إلى المرشحين ووكلائهم .

ومن بين التعديلات الواجب إدخالها على قانون مباشرة الحقوق السياسية، تعديل 3 مواد أساسية، وهى المادة 24، بحيث تضاف فقرة تنص على أنه تمثل منظمات المجتمع المدنى بمندوب لها أمام كل لجنة انتخابية عامة أو فرعية، ويكون لهذا المندوب حق الدخول فى جمعية الانتخابات أثناء مباشرة عملية الانتخاب، وكذلك تعديل المادة 27 لتنص على أنه "لا يحضر جمعية الانتخاب غير الناخبين ووكلاء المرشحين ومندوبيهم ومندوبى منظمات المجتمع المدنى ويحظر حضورهم حاملين سلاحا ويجوز للمرشحين الدخول فى قاعة الانتخاب"، وأخيرا المادة 34 بإضافة فقرة ختامية "ولممثلى منظمات المجتمع المدنى حضور لجنة الفرز".

ونهاية فإن إجراء انتخابات حرة نزيهة تقوم على أساس تكافؤ الفرص بين كافة المتنافسين، وتعيد الثقة فى صناديق الاقتراع للناخبين، وتفتح باباً لتوسيع دائرة المشاركة والتعبير من مختلف القوى التى تشكل الخريطة السياسية والاجتماعية للمجتمع المصرى يتطلب حزمة واسعة من الإجراءات، ولعل أولى هذه الإجراءات جعل الرقابة المحلية بالقانون!!.

* رئيس المنظمة المصرية لحقوق الإنسان.





مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة