بسمه موسى

انعكاسات الروح من خلال الفنون

الأحد، 11 أبريل 2010 10:12 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
أقيم بأتيليه القاهرة المعرض الثانى للوحات الفنان التونسى الجنسية والمصرى الهوية عمارة غراب بعنوان "انعكاسات الروح" من 21 مارس لمدة أسبوعين واشتمل العرض31 لوحة منها 11 لوحة زيتية و20 لوحة مائية و"باستال"، ودشن المعرض السيد محمد دياب المسئول بقطاع الفنون التشكيلية فى وزارة الثقافة المصرية والسيد خليل التازركى الملحق الثقافى بسفارة تونس فى القاهرة، تناول عمارة الأشكال والألوان من خلال رؤية رمزية وروحانية، فهو يرمى إلى إبراز العالم الداخلى النقى، والتعبير عن صحوة الروح الإنسانية ورؤية جمالية تنتج عن قدسية الإنسان فى هذا الكون.

فى أعمال الفنان عمارة غراب يمكنك أن تلمح العديد من العناصر والمفردات المتباينة، مفردات كثيرة تنتمى لحضارات وثقافات مختلفة، فهو يجمع على سبيل المثال بين الخط العربى، وعناصر مستقاة من الحضارة المصرية القديمة حيث انبهر بها فى زيارته المتعددة لمصر وزواجه من سيدة مصرية فاضلة، كذلك يمكنك أن تلمح تأثره بدراسة الهندسة فى شكل الفراغات والأبنية التى يغزلها بمهارة على سطح العمل مشكلا بها صورا كثيرة لشوارع وأحياء ومدن خيالية تسبح فى أجواء كالحلم، أما جمعه بين رموز الحضارات والثقافات المختلفة، فهو إنعكاس لإيمانه وقناعته العميقة بوحدة الحضارة الإنسانية رغم تعدّد ملامحها ووجوهها.

وقد عرض للوحة بعنوان "رموز متبادلة ومتناغمة" وأخرى بعنوان "منحدر البحر الأبيض المتوسط" تعالجان موضوع التقارب والتآلف بين الحضارات والشعوب وحيث تتشابه هندسة المعمار بحوض البحر الأبيض المتوسط، يعتبر عمارة أن مهمة الفن هى رفع مستوى الإحساسات الجمالية النبيلة المبدعة فبذلك يكون له تأثير إيجابى فى مجتمعنا الحضرى المعاصر، إذ أن الفن هو تراث عالمى للإنسانية يعالج أساسا قضايا الإنسان هادفا للوحدة والمحبة والسلام، وتظهر قناعة هذا الفنان أن مستقبل المجتمع الإنسانى هو روحانى فى طبيعته وأن الفنان له دور فى بلورة التبادل بين الشعوب والمجتمعات والعمل من أجل السلام والأخوة، وقد تأثر عمارة بأستاذ الهندسة المعروف حسن فتحى بعد أن زاره فى الثمانينيات ويظهر هذا ببعض لوحاته حيث تجد عمارة القباب.

ولد عمارة غراب فى جانفى 1945 بمدينة جرجيس بتونس، سرعان ما لاحظ أساتذته مواهبه الفنية وشجّعوه على صقلها والمشاركة فى المسابقات.. قام بأوّل معرض فردى له عام 1967 بالمركز الثّقافى الإيطالى بتونس، وشارك فى تأسيس اتّحاد الفنّانين التّشكيليّين بتونس، لإضفاء صبغة بنية مستقلّة للفنّانين وللمساهمة فى تطوير الثّقافة التّونسيّة، ثم حصل على منحة دراسيّة بفرنسا وحصل على الشّهادة العليا للفنون التّشكيليّة من مدرسة الفنون الجميلة بباريس وشهادة أخرى فى الفنون التّشكيليّة بالسّربون، واستغل فترة إقامته بباريس فى عرض لوحاته؛ وقد رسم كذلك العديد من الملصقات للعروض والتّظاهرات الثّقافيّة، ورغبة منه فى خدمة تحسين البيئة المعيشيّة للفرد والمجتمع فى تونس حصل على شهادة الهندسة المعماريّة من مدرسة الهندسة المعماريّة بباريس لافيلات، وأخرى فى التّخطيط العمرانى من جامعة باريس، وعند عودته إلى تونس، أصرّ على المساهمة فى تنمية بلاده، لذا عمل كمهندس معمارى وصمّم وأنجز العديد من المشاريع فى مجال التّعليم والبناء، وعمل مدرسا للهندسة المعمارية من أجل تثقيف أجيال من الطلبة فى زمن العولمة للانفتاح على حركات الفكر المعاصر الدولى فى مجال فنون المعمار لبلوغ المستوى المطلوب فى هذ العصر النورانى وللانسجام مع الحضارة العالمية.

وعن السبب وراء تسمية المعرض بهذا الاسم "انعكاسات الروح" يقول عمارة: "انعكاسات الروح عنوان يعبّر عن وجهة نظرى ورؤيتى للعمل الفنى، من حيث كونه انعكاسا للجوانب الروحية، وترجمة شكلية ولونية لما هو فى باطن الفنان أو الإنسان بشكل عام، فالأعمال التى تراها هى بحث فى حقيقة الإنسان بعيدا عن كل التعقيدات المادية التى طغت على أسلوب التعامل بين البشر والشعوب خاصة فى عصرنا الحالى، لذا أنا أدعو من خلال المعرض إلى التقارب بين البشر والعمل من أجل السلام وتنحية المؤثرات المادية التى تطغى على تعاملاتنا والرقى بها إلى مناحى أرحب وأكثر إنسانية.

تحية تقدير لهذا الفنان الذى سعى ويسعى عمليا لخدمة بلاده ومحاولته لتحسين البيئة بها، ومحاولته الجادة لتبادل الثقافة والحضارة من خلال لوحاته، فالفنون هى مرآة صافية لامعة للتقدم الحضارى فى أى مجتمع حيث إنها ترقى بالذوق العام وتؤدى إلى السلام الداخلى للنفس البشرية فالجمال والسلام توآمان لا يفترقان، وقد ذكرنى بالفنان الكبير الراحل الأستاذ حسين بيكار الذى كنا نشاهد فى خطوط لوحاته تناغما رائعا بيت النفس البشرية والروح أهلا بك فى بلدك الثانى مصر وكل معرض وحضرتك طيب.








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة