أصدر الجيش الإسرائيلى القرار العسكرى رقم 1650 الذى يعتبر الفلسطينيين فى الضفة العربية مجرد متسللين ،وصادقت قيادة الجيش فى أكتوبر الماضى على القرار الذى سيحاكم الفلسطينيين ويطردهم من أرضهم وسط صمت دولى وعربى وانقسام فلسطينى .
ويبدأ اليوم الثلاثاء تنفيذ القرار فعلياً ومراجعة من لا يحملون تصريحاً بالبقاء من قبل قوات الاحتلال تمهيداً لمحاكمتهم بتهمة التشبث بأرضهم ووطنهم وسط الصمت العربى العالمى نفسه والانقسام الفلسطينى نفسه .
ما يحدث هو نكبة جديدة بكل المقاييس يتعرض لها الشعب الفلسطينى لا يعادلها إلا المذابح التى قامت بها عصابات "الأرجون وشتيرن" الصهيونية قبل قيام الدولة الإسرائيلية وجرائم الجيش الإسرائيلى بعد قيام الدولة من تهجير القرى العربية بالكامل إلى تفجير المنازل على رؤوس أصحابها وصولاً لتغيير معالم المدن الفلسطينية " يافا وحيفاً " نموذجاً .
المخطط الإسرائيلى قديم وواضح ومعلن أمام العالم وأمام العرب وأمام أصحاب الأرض الفلسطينية وكانت الحكومات الإسرائيلية طامعة دوماً فى قضم جزء من سيناء ليكون امتداداً لغزة ومشروعاً للدولة الفلسطينية الفقيرة المعزولة التى تتحمل تبعاتها مصر ،وحاولت مراراً وتكراراً "جر شكل" المصريين إلى نزاع يسمح لهم بالعودة مجدداً إلى سيناء أو بدفع الفلسطينيين إلى النزوح والوجود فى رفح المصرية ومنها إلى العريش تحت الشعار المغلوط "كسر الحصار المفروض عليهم من مصر وكأن مصر هى التى تحتل وتحاصر وليس دولة الاحتلال وسط تقاعس العالم عن تفعيل قرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة بحق الشعب الفلسطينى .
دخل المشروع الإسرائيلى لتهجير فلسطينى الضفة حيز التنفيذ اليوم بالتزامن مع الإسراع فى وتيرة ابتلاع أراضى القدس الشرقية وحصار المسجد الأقصى بالحفائر و"الكُنس" الصغيرة التى تشكل أجزاء من الهيكل الثالث الآخذ فى الظهور حول الأقصى كقطع "البازل" وفق سياسة الخطوة خطوة التى اخترعها كيسنجر ، وبالتزامن أيضاً مع مشروع إسرائيلى عنصرى آخر وهو تطهير دولة إسرائيل من العرب مسلمين ومسيحيين ممن يحملون قسراً الهوية الإسرائيلية لأنهم اختاروا البقاء فى أرضهم بعد النكبة الأولى .
هؤلاء المعروفون مجازاً داخل إسرائيل بـ "عرب 48 "مرشحون أيضاً للطرح ليحلوا محل إخوانهم المطرودين من الضفة الغربية إلى غزة أو إلى جنوب لبنان أو قطر أو الحدود المصرية .
المشروع الإسرائيلى الذى يتم تنفيذه تحت عيوننا جميعا مثل قتل فى وضح النهار ، يقوم على ثلاثة محاور ، أولها ابتلاع القدس بالكامل فعلياً مع المضى فى سلسلة من الحفائر و الأنفاق المؤدية إلى انهيار المسجد الأقصى وإقامة الهيكل الثالث وتهجير فلسطينى الضفة لمنع إقامة الدولة الفلسطينية المرجوة نهائياً وحصر أى إمكانية للوجود الفلسطينى فى غزة الفقيرة المكتظة بالسكان الذى كان رابين وبيريز يتندران دوماً بالبحث عن مشتر لها، للخلاص من مشاكلها الكثيرة وأخيراً طرد عرب 48 للوصول بإسرائيل إلى مرحلة الدولة اليهودية فعلاً .
ونكذب على أنفسنا إذا قلنا إن حكومة نتانياهو المتطرفة تقوم بتنفيذ هذا المشروع العنصرى والمخالف لكل القوانين والأعراف الدولية بمفردها، بل يساعدها جيداً الانقسام الفلسطينى والترهل العربى والصمت العالمى الذى لا يكسره إلا صياح الأقوياء وقعقعة السلاح .