منذ شهر تقريبا لا تمر مقالة أنشرها على هذا الموقع إلا ويبادرنى الأخ "عوض" – هكذا يوقع على تعليقاته- بتعليق يحمل نفس المضمون سواء كانت سطور مقالى فى الرياضة أو الفن أو السياسة أو كانت تحمل كلاك فارغ.. تعليق السيد "عوض" المتكرر كان يحمل مضمون ملخصه يقول (فين وفاء قسطنطين ؟؟؟؟؟؟؟فين المواطنة المصرية وفاء قسطنطين وليه شنودة ياخدها من ست سنين ومحدش يعرف مكانها ؟؟؟؟؟؟ اكتب بعد كده باسم ميشيل الدسوقى رشدى اكرملك) .
طبعا لا داعى لأن أخبرك أن السيد عوض قد انضم إليه بعض الظرفاء الآخرين وتخصصوا فى التأكيد على أننى لا يمكن أن أكتب فى هذا الموضوع لأننى أخشى من ساويرس اللى بيأكلنا عيش.. ولا أعرف كيف يتحدث هؤلاء عن الحق والعدل والحرية ثم يرمون كتاب هذا الموقع بالباطل رغم أن أحدهم لا يملك دليلا واحدا على أن لساويرس علاقة بهذا الموقع وكتابه.. أضف إلى ذلك أن السيد "عوض" أقسم بالمولى عز وجل أكثر من مرة أننى لا أستطيع انتقاد البابا والكنيسة وهو فى قسمه كاذب ويجب أن يصوم ثلاثة أيام ويستغفر به آلاف المرات حتى تُقبل توبته لأنه لو عاد إلى أرشيف الموقع سيجد من الموضوعات والمقالات ما اعتبرها بعض القيادات الكنسية هجوما مباشرا على البابا والكنيسة.. وبالمناسبة قالوا نفس كلام الأخ "عوض" بس بالعكس.. اللى هو أنى مقدرش أكتب كده على شيوخ الإسلام.. وهو أمر محزن بالفعل لأنك تدرك فى لحظة أننا أمام ناس لا تقرأ وإن قرأت اكتفت بالعناوين والقفز بين السطور وفى اعتقادى أن أمثال هؤلاء من مصدرى الأحكام المسبقة هم سبب بلاوى هذه البلد..
المهم السيد "عوض" ومن انضموا إليه يتضح لك من تكرار تعليقاتهم التى تسأل عن وفاء قسطنطين أنهم من الغيورين على دين الله ومن المدافعين الأشداء عن الإسلام، ولا أعرف لماذا دفعتهم غيرتهم هذه للجوء إلى رجل مثلى مشكوك فى نزاهته بالنسبة لهم على الأقل؟، لا أعرف لماذا يتقدم الأخ "عوض" ببلاغ للنائب العام يسأله عن وفاء قسطنطين وعن مصيرها؟ ولماذا لم يتضامن معه أخوته من المعلقين ليقدموا بلاغا جماعيا أو يسيروا فى الشوارع بالمشاعل بحثا عنها، بدلا من حالة التواكل اللى هم عايشين فيها والتى جعلتهم يطلبون من شخص مثلى يقبض من ساويرس ويعمل لصالح الكنيسة أن يقوم بواجبهم نيابة عنهم؟
ويا سيد "عوض" احتراما لصبرك وإصرارك وبالك الطويل سأحاول باختصار أن أجيب على تساؤلاتك ولكن تحملنى قليلا وكن ديمقراطيا.
أنت يا أستاذ "عوض" نموذج لهؤلاء الذين نتحدث عنهم حينما نسأل لماذا تكثر حوادث الفتن الطائفية الآن مقارنة بما كان يحدث فى الماضى؟ نموذج يفرز من التعصب ما تسبب لنا فى الكوارث الطائفية التى نعيشها الآن، نموذج لكتيبة بشرية لم تقرأ "لا إكراه فى الدين" بالتأمل المطلوب، نموذج لكتيبة بشرية تنتشر فى الجانبين المسلم والمسيحى وتملأ الأجواء بإفرازات من التعصب تكفى لإشعال ألف بلد، نموذج لنوع من البشر يعيشون فى وهم أنهم دروع الحماية لدينهم وعقيدتهم بينما هم فى الحقيقة سهام طائشة تشوه ملامحه فى لحظات الغضب والتعصب.
أنت يا أخ "عوض" نموذج لهؤلاء الذين قللوا من شأن دينهم لدرجة أنهم جعلوا نصره متعلق على إسلام فتاة أو تنصرها، أنا يا أخ عوض ولا أحد فى مصر كلها قد اطلع على قلب "وفاء قسطنطين" لكى يقول إن كانت أسلمت أو عادت للمسيحية أو ارتدت، وفى نفس الوقت أنا لا أهوى الاشتباك مع قضايا الأسلمة والتنصر هذه لأن شعار أرض هذه المعركة الأساسى هو الغوغائية والفوضى وأنا لا أجيد التواجد سوى فى مناطق الحوار.. ثم أننى بالبلدى كده قرفان ومستاء جدا من حال البلد التى كلما قام شاب مسيحى بمعاكسة فتاة مسلمة.. تعلن ميكروفونات المساجد الجهاد للدفاع عن عرض الإسلام، وكلما يحدث العكس ويتعرض شاب مسلم لفتاة مسيحية تطلب عظة الأسبوع من شعب الكنيسة الانتقام لشرف الصليب، حتى حينما يتعلق الأمر بفتاة وظيفتها الرسمية «فتاة ليل» كما حدث فى الصعيد تستيقظ الفتنة ويروح ضحيتها العشرات.. فهل وصل المسلمون والمسيحيون فى مصر إلى تلك الدرجة من عدم الثقة فيما أوحت به السماء من عقيدة، يرون أنها قد تنهار إذا خسرت واحدة ست، أو يعتقدون أنها قد تسمو إذا أضيف على قوائم المؤمنون بها.. واحدة ست.
الأزمة يا سيد "عوض" لا علاقة لها بالدين، لأن بلدا لا يأمن على بناته فى عز الضهر من حفلات التحرش الجماعى كاذب لو قال إن شعبه متدين، لأن شخصا مثلك مشغول بالسؤال عن "وفاء قسطنطين" ولم يفكر ولو لمرة واحدة فى السؤال عن مصير آلاف الفتيات اللاتى يسرن فى الشوارع دون حماية من لفظ متحرش أو يد قليلة الأدب لا يمكن أن يكون غضبه قائم على أساس دينى سليم.. هى مسألة قوائم يسعى كل فريق لزيادة تعدادها حتى يقف على الجانب الآخر من الطريق ويخرج لسانه متلاعبا للفريق الآخر، مثلما يفعل جمهور الأهلى حينما يضيف «عدلى القيعى» لقائمته لاعبا كان يرتدى الفانلة البيضاء من قبل..
أنا أسف يا أستاذ "عوض" على انفعالى وأسف عزيزى القارئ "اللى بجد".. ولكن حسبى أن هذا الرد على الأستاذ "عوض" لم يكن شخصيا بقدر ما كان متعلقا بأزمة وطن!
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة