مجدى شندى

مجاملة فى غير موضعها

الخميس، 15 أبريل 2010 07:05 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
يمثل طرد 17 مصريا من الكويت بسبب تأييدهم للدكتور محمد البرادعى لغزا يستعصى على الفهم، ولأنه كذلك أصبح مثل كرة نار تتقاذفها العاصمتان، خاصة بعد أن تحول إلى شأن حقوقى عالمى تصدر بشأنه البيانات ويتصدر الصفحات الأولى من الصحف.

بداية لكل دولة الحق فى ممارسة سيادتها بالطريقة التى تراها ملائمة، لكن هذه الممارسة تظل محكومة بالأعراف الدولية وبقواعد القانون الإنسانى الدولى التى توافقت عليه أغلب البلدان، بل وبقوانين الدولة ذاتها التى تضع فعلا ما فى دائرة التجريم.

لكن القوانين فى غالبية الدول العربية ليست بالضرورة فعالة فى كل وقت، فهى تنام حينا وتستيقظ حينا آخر، كما أنها تكون هينة لينة أحيانا وصعبة شديدة المراس أحيانا أخرى، حسب هوى السلطة التنفيذية.

والذى أثار الاندهاش أنه تم الإيحاء فى البداية أن طرد مؤيدى البرادعى تم بطلب من مصر ثم صدر تصريح رسمى يؤكد أن الطرد لم يكن إلا لمخالفة القوانين الكويتية، والتجمع دون تصريح أمنى مسبق.

ورغم أن وزير الخارجية المصرى نفى بشدة أن يكون الإبعاد تم بطلب من مصر، واعتبر ذلك اتهاما "غير مقبول وغير مسئول"، إلا أن واقعة الطرد لا تخرج عن احتمالين:
- أن يكون مسئول ما فى السفارة المصرية بالكويت قد ألمح للسلطة الكويتية إلى أن تجمع المؤيدين للبرادعى على أرض الكويت غير مقبول، ومن ثم اعتبره المسئولون الكويتيون طلبا غير مباشر باتخاذ إجراء ضدهم.

- أو أن تكون الداخلية الكويتية قد أرادت مجاملة السلطات المصرية، واعتبرت أن ذلك عمل يرضيها ففعلت ما فعلت.

وهنا تثور إشكاليتان الأولى تتمثل فى دور السفارات فى أى مكان من العالم، وما إذا كانت تمثل السلطة الحاكمة أو تمثل الدولة، والمفترض نظريا أن السفارات تمثل الثانية، وبالتالى فهى مسئولة عن رعايا الدولة مؤيدين كانوا أو معارضين، هذا على الأقل ما نراه فى الدول الديمقراطية من شرق العالم إلى غربه، فالجنسية وحدها هى التى تحدد ما إذا كان شخص ما له حق على السفارة فى صون مصالحه وضمان أمنه واستقراره أم لا، وليس الرأى السياسى مهما كان مناقضا للسلطة الحاكمة أو متعارضا معها.

ولا يخفى على أحد أن سفارات كثير من الدول العربية والدول التى تغيب فيها الديمقراطية يكون صدرها أكثر ضيقا من السلطة الحاكمة نفسها، وفى حالة مصر على وجه الخصوص هناك هامش حرية واسع يسمح بالانتقاد والمعارضة، فمئات الآلاف من المعارضين والمختلفين جذريا مع السلطة يتظاهرون ويضربون ويعلنون رأيهم على الملأ، وعبر الميكروفونات والصحف ثم يذهبون إلى بيوتهم آمنين فى نهاية اليوم، وإذا كان عدد من مؤيدى البرادعى قد تعرضوا للمضايقة فى مصر، فإن ذلك تم عبر تصرف شخصى وليس وفقا لتوجه عام، وفى النهاية يمثل الاستثناء الذى يثبت القاعدة ولا ينفيها.

الإشكالية الثانية مركبة وخاصة بمجاملة دولة عبر طرد رعاياها المعارضين، فهو أولا يعكس النظرة الضيقة والخلط بين أمن السلطة والأمن القومى، فالمعارضة على أى نحو لا تدخل ضمن مهددات الأمن القومى اللهم إلا إذا كان ذلك مشفوعا بالتعاون مع جهات أجنبية، وثانيا يعكس التطوع أحيانا بما لا يفيد ربما رغبة فى أن تتعامل السلطة الأخرى بالمثل بمعزل عن القوانين والأعراف أو عما يجب ولا يجب.

يمكن لدولة ما أن تجامل أخرى باعتقال مطلوب لها، حتى وإن لم تكن هناك اتفاقية ثنائية أو أن تحذر رعايا دولة أخرى من ممارسة عمل سياسى معارض لسلطتها، لكن أن تشردهم من وظائفهم ولا تعير اهتماما لاستقرارهم المعيشى، وما إذا كان أولادهم فى مدارس وقد يضيع العام الدراسى عليهم جراء ذلك فذلك تزيد لا مبرر له ومجاملة فى غير موضعها، تزيد يصل إلى حد الخطأ.





مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة