محمد حمدى

مصر النهارده.. والديكتاتور الصغير

الخميس، 15 أبريل 2010 12:29 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
قبل يومين كتب الصديق العزيز سعيد شعيب مقالاً فى اليوم السابع تحت عنوان إعدام "مصر النهارده"، أعرب فيه عن خشيته من تحول الغضب الشديد على أداء المستشار مرتضى منصور وأحمد شوبير إلى عقاب للزملاء فى البرنامج، مشيراً إلى ضرورة التفريق بين مسئولية فريق الإعداد والمذيع ومسئولية الضيوف، فالأول مسئوليته اختيار الفقرات والمتحدثين وإعداد الأسئلة، أما الإجابات فالمسئول الوحيد عنها هو الضيف ذاته وليس أحداً غيره، واختتم سعيد شعيب مقاله بدعوة لترشيد الغضب وتوجيهه إلى مساره الصحيح.

ورغم أهمية المقال، فإننى أتوقف أمام تعليق أحد القراء "المواطن مرسى" قال فيه: "حالنا الحقيقى ظهر بوضوح فى برنامج مصر النهارده.. ضاعت أهم مزية فى شعب مصر، إنه كان شعباً متسامحاً فأصبح شعباً محتقناً.. كله بيخنق فى كله".. والحقيقة أن المواطن مرسى أصاب كبد الحقيقة بهذا التعليق المختصر، فمصر النهارده، وغيره من برامج التوك شو، والصحافة اليومية الورقية، هى انعكاس لحالة المجتمع، بما يسوده من فوضى وغياب المعايير فى كل شىء.

وربما لا يعرف الكثيرون أن إعداد هذه البرامج له قواعد وأصول، فلكل برنامج فريق إعداد كبير وضخم، كل مهمته إعداد ما يقال على الشاشة من فقرات واختيار الضيوف، وقد لا يعرف البعض أن كبار المذيعين فى العالم يقرأون الأسئلة التى توضع لهم من شاشة تسمى "أوتو كيو" حتى لا يخرج مقدم البرنامج عن النص، كما يضع سماعة فى أذنه تربطه بشكل مباشر مع معد الفقرة الرئيسى لتوجيه المذيع فى حالات الضرورة أو الخروج على النص.

فى مصر اختفت هذه القواعد الإعلامية المعروفة، ولعلى لا أذيع سراً أن محمود سعد حين كان يقدم البيت بيتك، كان يذهب فى يومه، ويلغى الفقرات المعدة سابقاً، ويقرر فقرات اليوم ويختار الضيوف، كما أنه لا يلتزم بالإعداد المكتوب معه مسبقاً، ويطلق العنان لنفسه على الشاشة كما يشاء.

ولا يفعل محمود سعد ذلك بمفرده، وإنما يفعله أيضاً معظم مقدمى البرامج فى مصر، لأنهم حين يظهرون على الشاشة وتزداد نجوميتهم يتصورون أن هذا النجاح عائد لهم فقط، وليس بسبب فريق كبير يعمل فى البرنامج يضم معدين ومخرجين ومهندسى صوت وصورة وديكور وغيرها من عناصر نجاح أى عمل تليفزيونى.

المشكلة الأهم أننا دائماً ما نربط أى نجاح أو فشل فى مصر بشخص واحد فقط، لأننا فى الغالب لا نؤمن بروح الفريق، وأن أى نجاح لا يمكن أن يتحقق ما لم يكن من خلفه فريق محترف يعمل بتعاون، ومهنية.. لكننا للأسف لم نعد نؤمن بقيمة العمل، وإنما بالألهة التى نصنعها فى الإعلام والسياسة وفى كل مكان آخر.. وبدلاً من أن نعانى من ديكتاتور واحد، أصبحنا نفخر بأن لدينا فى كل مكان ديكتاتور صغير.








مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة