لا أريد تصريحات حكومية حول معدلات النمو أو خططاً نظرية عن تطوير القاهرة وحل أزمة العشوائيات وبناء المدن الجديدة، لا أريد كلاماً عن نجاحنا فى عبور الأزمة المالية العالمية من بين دول قليلة نجحت فى هذا الاختبار الصعب ، أريد اجتماعاً وزارياً ينعقد وعلى جدول أعماله بند واحد "العنف الأسرى" .
تصوروا، رجل فى القليوبية يقتل زوجته لأنها خرجت دون إذن منه! طاردها فى الشقة وضربها بعصا خشبية على رأسها فنزفت وحاولت من حلاوة الروح أن تقاوم ففشلت، ضربها ثانية، لكنها نجحت فى الإفلات منه واحتمت بالحمام فحطم الباب وخنقها حتى الموت!
هذه الجريمة ليست حادث قتل عادى، هى مؤشر اجتماعى فى غاية الخطورة يستدعى استنفار خمس وزارات على الأقل لبحث تنامى العنف الأسرى بهذه الصورة الوحشية والإجابة عن السؤال "إلى أين يتجه المجتمع؟".
من الواضح أن التعامل مع قضية المرأة ودورها وحقوقها فى مجتمعنا يتم بشكل فوقى استعلائى، يتعلق بحقوق الطبقة العليا من سيدات المجتمع ، القاضيات والناشطات الحقوقيات والسياسيات، وكيف يتم تمثيل المرأة فى المجالس النيابية وتقلد النساء للوظائف السيادية والوزارات وكلها أمور هامة ومطلوبة لكنها بالضرورة لأبد وأن تعكس حراكاً اجتماعياً يعززها ويسندها ويدعهما .
ليس من المعقول أن نباهى الأمم بأن عندنا الوزيرات والقاضيات والبرلمانيات والحقوقيات والناشطات السياسيات ،بينما الواقع الاجتماعى يشهد أعلى درجات العنف والتسلط على المرأة زوجة وأختاً وزميلة وحتى أماً.
هناك شىء خاطئ فى هذه المعادلة ، ليس مطلوباً أبداً أن يكون لدينا نساء من الفئة (أ) فى البرلمان والحكومة نباهى بهن الأمم، ولكن علينا العمل للإجابة عن سؤال تحسين وضع المرأة فى المجتمع وإعادة الاعتبار لوجودها كإنسانة وشريكة جنباً إلى جنب مع الرجل، من هنا أرى أن الدعم السياسى والإعلامى الهائل التى تحظى به كوته المرأة فى البرلمان ضرورى وهام ومطلوب ، كما أرى أن من الضرورى أن تحظى قضية المرأة التى قتلها زوجها لأنها خرجت دون إذن منه بنفس الدعم والاهتمام ليس بوصفها حالة قتل فردية، ولكن باعتبارها المؤشر الاجتماعى الصادق عن وضع المرأة عندنا.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة