على غرار مباريات المصارعة داخل الأقفاص الحديدية التى يذيعها التليفزيون المصرى ويفرح بها الأطفال ثم يتعلمون منها العنف، يتبادل القمص زكريا بطرس والشيخ محمد الزغبى تقطيع الهدوم والطعن فى العقيدتين الإسلامية والمسيحية، دون أى اعتبار لما يمكن أن يسببه كل منهما فى إشعال الروح الطائفية البغيضة لدى أجيال تتلقى ثقافتها ويتكون وعيها عبر ما تشاهده على الفضائيات.
القمص زكريا بطرس دأب منذ فترة على الطعن الجارح على العقيدة الإسلامية مستشهداً بكتب التراث الصفراء التى وضعها رجال فى عصور مرتبكة، غافلاً عن التفريق الجوهرى بين ما كتبه هؤلاء الرجال وبين أصول العقيدة الإسلامية، فما كتبه ابن كثير والأحاديث الضعيفة المنسوبة لأبى هريرة ليست هى العقيدة الإسلامية بأى حال من الأحوال، كما لا يعنى حضور شخص انتقل من الإسلام إلى المسيحية والاعتراف بصدق عقيدته الجديدة أن المسيحية انتصرت على الإسلام، ولا يثبت ذلك يقين العقيدة المسيحية أو تهافت العقيدة الإسلامية.
من ناحية ثانية لا يفيد منهج الشيخ محمد الزغبى فى الهجوم على ثوابت العقيدة المسيحية، وتقديم تفسير لآيات الكتاب المقدس تخالف ما درج عليه المسيحيون، أقول لا يفيد هذا المنهج لا المسلمين ولا المسيحيين لأنه لن يزيد المسلمين المتمسكين المؤمنين بعقيدتهم تمسكاً وإيماناً، ولن يضعف إيمان المسيحيين المنتمين إلى عقيدتهم، لكنه سيعمل على تراكم البغض والكراهية فى نفوس المسلمين والمسيحيين كل تجاه الآخر، وبذلك لا ينجح بطرس والزغبى إلا فى تدمير مبدأ العيش المشترك لأبناء الدولة المصرية على التراب المصرى، وهو خطر بدأت أطرافنا تحترق من تأثيره وأضراره.
لا أحب دور الواعظ العالم بكل شئ والأكثر حرصاً على المصلحة العامة، لكنى أرى فى ما يقوم به زكريا بطرس على قناة الحياة ومحمد الزغبى على قناة الخليجية أذى بالغاً لى ولأبنائى ولغيرى من الناس، وإذا كنت مؤيداً لحرية الرأى حتى النهاية، فإننى لا أقبل أن يؤذينى أحد فى ما أومن به وإلا ذهبت به إلى القضاء ليفصل بيننا.
لذلك أدعو زكيا بطرس ومحمد الزغبى أن يتراشقا ويطعنا كل فى عقيدة الآخر، بعيداً عن الميكروفونات والشاشات، يدخلان قفص المصارعة الحديدى ويتضاربان حتى يجهز أحدهما على الأخر ونخلص نحن من الثانى، أما من يخاطب الناس على شاشات الفضائيات فأمامه آلاف الموضوعات داخل حيز عقيدته ليطرحها على شركائه فى العقيدة حتى يتحول الإيمان إلى عمل وليس إلى كراهية موجهة إلى أبناء العقيدة الأخرى.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة