تحدثت بالأمس عن قضية مياه النيل، والخطر المتوقع على مصر بسبب تصميم دول الحوض على تعديل الاتفاقية التى تعطى مصر نصيب الأسد فى مياهه، وفى عدد الأمس من صحيفة الجمهورية، قالت الصحيفة إن تقريرا تقديمة الى الرئيس مبارك.
فى التقرير ما يلفت الانتباه فيما يتعلق بإشارته إلى خطورة المد الشيعى فى دول الحوض ومحاولة محاصرة مصر من الجنوب، وبالرغم من أن التقرير يحمل إشارات أيضا إلى خطر دول مثل الصين وتركيا وإسرائيل، إلا أن تعبير خطر "المد الشيعى" يبعث على تصورات تحتاج إلى تأمل، فمعنى استخدام تعبير "المد الشيعى" فى هذا النوع من الصراع أننا نقله إلى خانة الصراع الدينى والمذهبى، أى أن هناك صراعا سنيا شيعيا على مياه النهر وجريا على ذلك ربما نجد من يتعامل معه على أنه صراع بين مسلمين ومسيحيين، إن مصر مسلمة، ودول الحوض مسيحية تقريبا، وخطر استخدام مثل هذه التصورات أنها تساهم فى رفع وتيرة الصراعات المذهبية فى المنطقة، وتعمل على تعميق الخلافات بين إيران ومصر باعتبار أن الأولى شيعية والثانية سنية.
وحتى لا تتوه الحقائق علينا أن نسمى الأشياء بمسمياتها الصحيحة، وألا نخلط الدين بالسياسة، كما أنه ليس من المنطقى وضع ما تفعله إسرائيل مع دول الحوض، وما تفعله إيران فى هذه الدول على قدم المساواة، فإسرائيل تسعى إلى التواجد من أجل خنق مصر، وقصة مطامعها فى النيل معروفة منذ أن عرضت على الرئيس الراحل أنور السادات مدها بمياهه، وهو العرض الذى تظاهر ضده عشرات المثقفين بقيادة الكاتب الكبير الراحل كامل زهيرى، وكان ذلك فى عام 1979 أثناء فعاليات معرض القاهرة الدولى للكتاب وكان مكانه فى أرض الجزيرة مكان دار الأوبرا.
الاعتراف المصرى بأن هناك خطرا يحدث الآن حول مياه النيل هو تطور إيجابى فى النظرة إلى القضية بعد إهمالها لسنوات، وتطور من شأنه أن يؤدى إلى وضع التصورات السليمة لمواجهة الموقف، لكن فى نفس الوقت على صانعى هذه التصورات أن ينتبهوا إلى أنه ليس من المنطقى وضع الخطر الإيرانى والخطر الإسرائيلى فى سلة واحدة، فما بين القاهرة وطهران من جليد قابل للإذابة، لكن الدفء الذى يجمع الحكومة المصرية وإسرائيل قابل للتصحر فى يوم ما.
مشاركة
اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مشاركة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة