اعترض عدد من معلمى القليوبية على تلقى دورة خاصة بالتربية الجنسية ،ورفض المعلمون قرارات التوجيه وتوصياته بضرورة تلقى المعلمين لهذه الدورة تأهيلاً لهم للتعامل مع الطلاب والأبناء فى هذا الموضوع الحساس ،وكعادتنا نتعامل مع موضوعاتنا الحساسة وما أكثرها بطريقة "امنع الكلام" متخيلين أن منع الكلام أو منع التأهيل سيسد الأبواب التى تأتى منها الريح، لكن الحق أنه يفتح فيها الثغرات ويجعلها أكثر عرضة للتحطم!!
لماذا رفض معلمو القليوبية تلقى دورة فى التربية الجنسية؟
لأن هناك أفكار شائعة ترى أن التربية الجنسية لا تتفق مع الدين وأنها نوع من الانحلال يفتح عيون الأطفال والمراهقين على أكثر الموضوعات خطورة، وقد تدفعهم المعلومات الجنسية إلى الانحراف وممارسة العادة السرية أو تجعلهم "يفتحون عيونهم" فى الأب والأم ويسألونهما أسئلة محرجة ،ثم إن الأبناء سيعرفون ما يريدون عندما يكبرون مثلماً عرفنا نحن، والتربية الجنسية للبنات تحديداً قد تجعل أزواج المستقبل يشكّون فى سلوكهن وأخلاقهن ،خصوصاً أن الشباب عندنا يفضلون البنات "الخام" التى لا تعرف شيئاً ،وأخيراً التربية الجنسية ثقافة غريبة عن مجتمعنا المحافظ ولا يجب أن نسمح بأن تغزو هذه الثقافة المنحلة مجتمعنا!
بالطبع يجب أخذ هذه الأفكار الشائعة بعين الاعتبار، ليس لأنها صحيحة ولكن لأنها متجذرة فى مجتمعنا الشرقى رغم كل التحولات العنيفة التى مر بها المجتمع ، واحتكاك أطفالنا ومراهقينا وشبابنا بالعالم الواسع عبر الإنترنت بصورة تكاد تخرج على السيطرة، بالإضافة إلى شيوع أشكال من العنف والانتهاك تقتضى التنبيه والتأهيل لأطفالنا ومراهقينا ،من هنا وجب تأهيل الكبار فى موضوع التربية الجنسية وإزالة الأوهام العالقة حول هذه المادة التربوية المهمة، لأنها العاصم للطفل والمراهق من كل اعتداء قد يتعرض له أو تحول عنيف قد ينحرف به دون، وهى لأنه لم يتلق العون من الأهل.
أسأل معلمى القليوبية المعترضين على تلقى دورة فى التربية الجنسية، كيف تحصن طفلك من الاعتداء أو الانتهاك الجنسى لا قدر الله؟ وقد يأتى هذا الاعتداء من شخص قريب أو بعيد، فى البيت، النادى، المدرسة، بيوت الأقارب.... إلخ.
وأسألهم ، كيف تساعدون أبناءكم المراهقين والمراهقات على عبور لحظات التحول العنيفة فى حياتهم عندما تبدأ التغيرات الجسدية فى هز المفاهيم التى يحملونها عن أجسادهم وعن الجنس الأخر؟
اسألهم ماذا لو سألكم طالب عن معنى الآية الكريمة "نساؤكم حرث لكم فاتوا حرثكم أن شئتم وقدموا لأنفسكم" الآية 223- سورة البقرة.
إن التربية الجنسية للأطفال والمراهقين لا تتعارض مع الدين أبداً وهى ضرورية لأن الجنس جزء اساسى وطبيعى وصحى فى حياتنا ولكل مرحلة عمرية المعلومات العلمية المناسبة التى يتلقاها الإبن والإبنة بعيداً عن الإثارة والابتذال، ونقص هذه المعلومات الصحيحة من مصادرها يضر الأطفال والمراهقين لأنهم سيندفعون إليها عبر بوابات متاحة بسهولة على الإنترنت، وبالتالى بدلاً من التربية الجنسية السليمة سيتكون وعيهم عن الجنس عبر أشكال الإنحراف والمبالغة فى المواقع الإباحية.
حجر الذاوية فى هذا الموضوع هو كيف نحمى أطفالنا من الاعتداء والتحرش الجنسى فى هذا الزمن الصعب؟ كيف يعرف الطفل أنه يتعرض للتحرش وكيف يتعلم أن يحمى نفسه بأبسط الوسائل؟ كلمة "عيب ما تتكلمش فى موضوعات الكبار " لن نحمى أطفالنا، والجهل بوسائل التوعية لن يحمى أطفالنا ولن يساعد مراهقينا على عبور المرحلة الخطرة فى حياتهم بأمان.
كما أن تصور الآباء عن أبنائهم، أنهم "مش ممكن يعملوا كده "تصور خاطئ طالما لم تقم العلاقة بين الآباء والأبناء على الصراحة والصداقة والتوعية وفق أساس منهجى، وهو ما رفضه معلمو القليوبية بدعوى أنها ثقافة منحلة غربية ، وأراهن أن معظم أبنائهم يقضون وقت فراغهم فى "السيبر" وتبادل الصور "والشات" مع مجهولين يمدونهم بكل ما يحتاجون إليه بعيداً عن "عيب" الأب "واوعى تتكلم فى الموضوع ده "التى تصرخ بها الأم!
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة