المصريون من أكثر الشعوب تهذيباً على مستوى العالم، فنحن لا نحب أن نقول كلمة «زبالة» ونعتبرها كلمة قبيحة، رغم أننا نعيش وسط كم هائل من الزبالة، تحيط بنا من كل مكان إحاطة الحذاء بالجورب، دون أن نتأفف أو نحاول إزالتها أو حتى إبعادها عن طريقنا.
المشكلة أن الزبالة ليست مقصورة على منطقة دون أخرى، فهى تنتشر فى المناطق الراقية قبل المتوسطة، والمتوسطة قبل الشعبية، كأنها ماركة أو علامة مميزة للشارع المصرى، يتميز بها عن زملائه الشوارع فى جميع أنحاء العالم.
أنا شخصياً أحترم رغبتك فى أن أستبدل بكلمة «زبالة» التى تؤذى مشاعرك كلمة «قمامة» التى تحيل المعنى تماماً كأننا نتكلم عن حديقة غنّاء فيها زرع وفيها ماء، لكن هل تعدنى بأن تستبدل أنت بالزبالة التى أمام بيتك نخلة أو شجرة أو على الأقل «زير» يشرب منه العطشان وذو الحاجة وابن السبيل؟
قديماً كانت الدولة تعلق سلال القمامة فى أعمدة الإنارة، مما أوحى لهم بإضافة رسوم الزبالة على إيصالات الكهرباء، وحين طالب الناس بإزالة القمامة من الشوارع أزالت الدولة السلال وتركت الشوارع والقمامة والأعمدة والإيصالات، فأصبح الناس يعلقون أخطاءهم فى إلقاء الزبالة فى الطريق على شماعة الحكومة، وتعلق الحكومة قذارتها على سلوك المواطنين، الذى وصفته بأنه ليس أفضل من سلوك الكهرباء، مما أدخل الموضوع فى دائرة كهربائية مفرغة.
دعك من الأكوام المكومة والأكداس المكدسة والأكياس المكيسة، وأخبرنى كيف تتخلص أنت شخصيا من مخلفاتك البسيطة: قشرة صباع موز، علبة بيبسى فاضية، منديل مستهلك، ورقة قديمة، ورقة جرنال كان ملفوفا فيها سندوتش فول، كيس شيبسى مأكول، علبة عصير معصورة، إلى آخر مخلفات الحرب الضروس التى تخوضها طوال اليوم.
القاعدة هنا هى: أهم حاجة ماحدش يشوفك، وإذا حد شافك اعمل كأنك نضيف، وإليك نماذج من الطرق المختلفة للتخلص من «الفوارغ»:
- بوضعها فوق أى شىء مرتفع: صندوق كهرباء، أو شنطة عربية ملاكى، أو صندوق عربية نقل، أو على سور بلكونة منخفضة، أو داخل كابينة تليفون رينجو، أو فوق كولدير... إلخ.
- بزنقها فى أى زخنوق، مثل ثقب ضيق فى حائط، أو بين قضبان سور حديدى أو حشرها بين كرسى الميكروباص أو الأتوبيس وحائطه، أو أسفل عقب باب.. إلخ.
- بإلقائها من شباك السيارة الشمال، على اعتبار إن اليمين فيه عربيات وناس، لكن الشمال عادى.
- بلعب الرماية بها، حيث يمسك الواحد بعلبة البيبسى الفارغة ويقف على بعد 5 أمتار من صفيحة القمامة ويرميها مختبراً مهارته فى التصويب، وطبعاً تقع بالخارج، فيخبط بيده على جبهته ويقول: أخ، ثم يتركها وينصرف.
- المضحك فعلاً حين يجد الواحد منا سلة مهملات معلقة فى عمود نور، لكنها للأسف بدون «قعر» كأنها مرمى كرة سلة، فيتوجه إليها بحماس ثم يلقى ما بيده داخلها، ثم يمضى وقد وضع يديه فى جيبه وهو يصفر، كأنه أدى كل واجباته تجاه الوطن.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة