وبدأ موسم «النفاق السياسى»

الجمعة، 30 أبريل 2010 03:56 ص
وبدأ موسم «النفاق السياسى» حيدر بغدادى
عمرو جاد

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
◄◄ الإخوان يتقربون للأحزاب بمبادرة الحوار.. ويغازلون المرأة والأقباط على حساب أفكارهم ويتقربون للنظام بمدح الرئيس مبارك
◄◄ المعارضة مع الوطنى ضد البرادعى.. ونواب الوطنى يمدحون الوزراء والمحافظين على حساب المواطنين


أسوأ ما كشفته أزمة نواب «إطلاق الرصاص على المتظاهرين» أنهم أثبتوا ما حاول الحزب الوطنى نفيه على مدار الشهور الماضية، بأنه لن يقبل المزايدة على الانتماء إليه أو النزول إلى مستوى «نقار الديوك» مع قوى سياسية أخرى، ولكن القصاص وأبو عقرب وحميدة، قادوه إلى حرب إعلامية وقانونية وكلامية كان فى غنى عنها، ووضعوه فى جبهة لم يكن مستعدا لها، فما كان من قيادات الوطنى سوى التبرؤ من تصريحات نائبيه «القصاص وأبوعقرب» متجاهلا كلام حميدة بوصفه ينتمى إلى حزب آخر، ولكن الرجل بدا كبعض المسلمين أيام الفتنة الكبرى بين على ومعاوية، فحميدة يصلى خلف المعارضة، ويأكل مع الوطنى.

إجابة واحدة تتبادر للذهن عند التساؤل عما دفع هؤلاء النواب ليكونوا ملكيين أكثر من الملك فيما يخص التعامل مع المعارضة، وهذه الإجابة لخصها رئيس مجلس إدارة صحيفة حكومية فى مقال له هاجم فيه هؤلاء النواب قائلا «هذا نوع من النفاق السياسى الذى لن يقبله الحزب الوطنى على الإطلاق».. ونحن الآن على أعتاب موسم انتخابى حاشد وساخن، بوادره جعلت الأطراف السياسية تنقسم إلى فريق يبحث عن «دشمة يختفى وراءها، وفريق آخر يبحث عن طرف قوى يتحالف معه ويتملقه ويشترى رضاه، بالإضافة إلى بعض الأطراف غير السياسية التى قررت أن تشارك فى هذا المولد، حتى وإن لم تكن ذات مصلحة مباشرة، فكان أول اتهام لأغنية للمطربة شيرين التى قدمتها للرئيس مبارك عند عودته من ألمانيا بعد 40 يوما من العلاج، بأنه «نفاق سياسى» بعدما قالت إنها أغنية بتكليف من وزير الإعلام أنس الفقى، حينها سارع كثيرون ممن غنوا للرئيس مبارك بتبرير فعلهم هذا بأنه «نابع من إحساس صادق بالحب» نحو والد المصريين ورئيسهم المحبوب، هذا الجدل يثبت أن عودة الرئيس من تلك الرحلة العلاجية حملت بوادر موسم النفاق السياسى، حيث كانت فرصة مناسبة للثعالب الصغيرة لأن تخرج من مكامنها لكى تتقافز بلافتات تهنئة، وتصريحات سعيدة بعودة الرجل، رغم أنه طلب عدم نشر أى تهان أو لافتات، ولكن بعضهم كان صادقا ولم يستطع أن يكبت رغبته، والبعض الآخر آلمه أن تفوته الفرصة دون أن يسجل فيها هدفا سياسيا حتى إن دخل فى إطار النفاق، كذلك انبرى بعضهم لمهاجمة محاولات الحديث عن التغيير، بأنها لا تصح فى هذا الوقت بالذات.

انتخابات التجديد النصفى لمجلس الشورى فى شهر يونيو القادم كانت الإشارة الثانية لموسم النفاق السياسى، فبعض النواب الذين كانوا خاملى الذكر أثناء دورتهم المنتهية سيبحثون عن معارك وهمية يشتبكون بها، هذا فى الشورى، أما نواب الشعب فيعرفون أن مهمتهم أسهل لأن أمامهم وقتا أطول، ولكن فى كلتا الحالتين، أصبحت بعض قوى المعارضة هى الوقود الذى تسير به قاطرة النفاق السياسى»، وهذه القوى متمثلة فى حركة كفاية، و6 أبريل والجبهة الوطنية للتغيير.

مظاهر النفاق السياسى فى البرلمان كانت أكثر وضوحا خلال الأيام الماضية ليس فى تصريحات نواب الرصاص فقط، ولكن فى القوانين التى تمت الموافقة عليها رغم المعارضة الشديدة التى شاهدتها وكان على رأسها قانون «شراكة القطاع الخاص فى المرافق» أو التقرير النهائى للموازنة العامة، فإن كانت الأخيرة تتطلب مناقشات أطول مما تناولتها، فإنها أدرجت فى وقت أسرع من المعتاد، لأن الانتخابات قادمة، وكثير من نواب الأغلبية يعلمون أن المهندس أحمد عز أمين التنظيم، بدأ حملة تصفية للعناصر الخاملة بين أعضاء الحزب، وهو ما ينطبق على الشعب والشورى، وإن كان الأخير سيشهد تجربة قاسية، فى إبعاد عدد من أعضاء الوطنى واستمالة عدد آخر، فكسب الرضا، مع بعض الاستعراض ستكون خلطة مناسبة لضمان تأييد الحزب.

وزراء الحكومة والمحافظون فى هذا الوقت بالذات يكونون أكثر اطمئنانا من أى وقت سابق ضد أى هجمات أو انتقادات مواتية، لأن نواب الحزب الوطنى يقومون بدور حائط الصد الذى يدفع عن أعضاء الحكومة أى أذى وفى هذا السياق يبدو نائب مثل حيدر بغدادى مثالا لهذا الأمر، فالرجل كان مستميتا فى الدفاع عن يوسف بطرس غالى وزير المالية فى واقعة سب الدين بمجلس الشعب، حينها وصف بغدادى الصحف التى ذكرت الواقعة بأنها «صفراء»، مكذبا الواقعة، ولكن صدمته جاءت من شهادات حية من داخل المجلس لتأكيد الواقعة، بغدادى هنا كان يحتاج لمثل هذه الفرصة ليدافع عن وزير يمثل الحكومة، بعدما اهتزت صورته كنائب إثر انهيار صخرة الدويقة فوق رؤوس ساكنيها، لم يظهر هو فى الصورة حينها، وتلتها إزالات منشية ناصر التى مازالت مستمرة حتى الآن وسمعته كنائب عن المنطقة تتراجع بقوة.

النواب لهم وقائع أخرى مع المحافظين، سواء بالدفاع عنهم أو مدحهم بأساليب يعتبرها البعض رخيصة، ولكنها فى النهاية تؤدى الغرض منها، مثل ذلك النائب الوطنى الذى مدح أحد المحافظين بأبيات من الشعر قال فيها: «زمانك بستان وعصرك أخضر وذكراك عصفور من الشرق ينقر..دخلت على ذات ليلة فرائحة المحافظ مسك وعنبر.. أحبك لا تفسير عندى لصبوتى، أفسر ماذا والحب لا يفسر»، أو ذلك النائب الذى وصف محافظه بأنه «ملاك هبط من السماء لخدمة أبناء المحافظة»، وجميعها تشبيهات لا تعنى شيئا فى قاموس السياسة، وإن كانت تعنى الكثير فى درجات النفاق السياسى.

الإخوان بدورهم لم يكونوا بعيدين عن هذه الدائرة، فهم الآن واثقون من حالة التضييق الحكومى التى يتعرضون لها فدخلوا على خط الحوار مع الأحزاب والقوى المعارضة، ومن باب المواءمات السياسية، أبدى القائمون على الحوار داخل الجماعة، استعدادهم لمراجعة أفكارهم حول ما يخص المرأة والأقباط، ولكنهم فى الجانب الآخر يعلنون أن أفكار الجماعة ومعتقداتها من الثوابت التى تقوم عليها، أضف إلى ذلك تصريحات المرشد العام محمد بديع حين قال إنه يعتبر الرئيس مبارك والدا للمصريين جميعا، وأنه لا يمانع فى ترشح جمال مبارك للرئاسة فى إطار الشرعية، وهو كلام من غير المتوقع أن يصدر عن المرشد إلا إن كان له مآرب أخرى.

إضافة إلى كل ما سبق تتبقى حالة الدكتور محمد البرادعى هى الأكثر سخونة فى معركة الاستعداد للانتخابات القادمة، فالرجل بعد تصريحه بأن انضمامه لأى حزب فى الوقت الحالى يعد «نفاقا سياسيا»، وهو التصريح الذى جعله هدفا سهلا لنيران هذه الأحزاب، التى اتخذته سلما لإثبات أن الوطنية ليست فقط أن تهاجم النظام، وإنما أيضا أن تهاجم خصومك فى المعارضة، فاتهموه بالعمالة، وتبنى أجندات خارجية، كما اتهموه بعدم الخروج من رحم شعب يريد أن يحكمه وهو لا يعلم عنه شيئا، هذا عن المعارضة، ولكن المنتمين للحزب الوطنى اختاروا استغلال دعوة البرادعى فيما أسموه «التمسك بالأحزاب الشرعية» بل إن بعضهم زيادة فى النفاق السياسى، طالب الوطنى علانية بدعم هذه الأحزاب الشرعية ضد مفسدى الحياة السياسية فى مصر.






مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة