نحن نعيش فى بلد جدول ضربها مغلوط ومعكوس، بحيث يكون حاصل ضرب الواحد فى الواحد عشرة أو الصفر فى الصفر مليونا، نحن نعيش فى بلد فوقه تحته، وتحته فوقه، المهم فيه عادى أن تجده فى سلة الزبالة، والتوافه من أشخاصها وأحداثها عادى أن تجده فوق الرؤوس.. هذا هو حال البلد بدون محاولات الإعلام التجميلية، وبدون العزف على نغمة التاريخ المعتادة، وهل يمكن أن يكون حال البلد على غير ذلك ونحن نرى ونتابع تلك المسرحية العبثية الخاصة بصلح مرتضى منصور على أحمد شوبير؟ هل يمكن أن يكون حال البلد على غير ما ورد فى السطور الأولى ونحن نرى الأمة المصرية بإعلامها ورجال دينها ونخبتها وشعبها وقد عبأت نفسها وشدت الهمة ونهضت من أجل المصالحة أو على الأقل متابعة تفاصيل محاولات الصلح بين المستشار والكابتن؟ مع كامل احترامنا لهما ولتاريخهما وخلافاتهما.
كل هذا الجهد، وكل هذه المحاولات الإعلامية، وكل هذه النفقات، وكل هذا السعى من قبل شخصيات سياسية وإعلامية ونخبوية بارزة من أجل أن يقول شوبير: «صافى يا لبن».. فيرد عليه المستشار مرتضى منصور: «حليب يا قشطة»، هل يعقل أن تكون غاية الأمة المصرية التى تعيش على مشارف معركة انتخابية قد تكون فاصلة فى مستقبل هذا الوطن، هى أن يبوس شوبير ومرتضى كل منهما على رأس الآخر، وهما ولهما كل الاحترام، ظلا على مدار عامين يخوضان حربا شخصية تجاوزا فيها كل الأعراف والتقاليد، وارتكب كل منهما من الأخطاء خلال تلك المعركة ما يستحق محاكمة شعبية وإعلامية، وليس مجرد إنهاء ودى لأزمة رسخت لأسلوبين فى غاية الخطورة على البلد.. الأول وضعه الكابتن شوبير حينما أسس لقاعدة جديدة ملخصها يقوم على تحويل برامج الهواء إلى منصة ملاكى يصفى من فوقها خلافاته الشخصية، والأمر الثانى وضع أساسه المستشار مرتضى منصور حينما فتح باب النار على حرية الإعلام، وأعطى لكل ديكتاتور وغير محب للعبة، والرأى والرأى الآخر مفتاح إخراس الألسنة ووأد الحرية بشكل قانونى.
ثم ما لذى سيعود على البلد بالنفع من إنهاء تلك الخصومة الشخصية؟ وهل تضر خصومة مرتضى منصور مع شوبير الأمن القومى أو البورصة أو المشاريع التنموية فى مصر؟ بالطبع لن يحدث ذلك، فالخناقة كلها على بعض تشبه ملايين الخناقات التى تمتلأ بها المحاكم ،ووحدها شهرة الطرفين هى التى جعلت من الأمر فريسة مرغوبة لإعلام يلهث على الإثارة فقط. يا سادة هناك خصومات أخرى أولى بالاهتمام، لأنها بين أطراف وتيارات وجود خلافات ومعارك بينها وبين بعضها يضر بالبلد فعلا، وعلى مستويات مختلفة، ألا توافقنى أن الإعلام الذى يلهث الآن خلف مصالحة إن حدثت لن تجعل مستقبل مصر أخضر، وإن فسدت فلن تجعله أسود، لأنها ساهمت بالفعل فى تسويده، بما رسخته من مبادئ مشوهة؟ ألا توافقنى أنه كان من الأولى بالجميع أن يبذلوا نصف هذا الجهد فى محاولات لتقريب وجهات النظر بين التيارات السياسية المختلفة من أجل عمل مشترك ينهض بتلك الأمة؟ ألم يكن من الأولى أن نبذل الجهد لتقريب وجهات النظر بين الحزب الوطنى والإخوان، أو بين الإخوان وحزب التجمع، أو بين حركات المعارضة التى تتنافس بدلا من أن تتكامل، أو نتبنى خطابا دينيا جديدا ومعتدلا نصالح به المسلمين مع المسيحيين، أو نصالح رؤساء تحرير صحف الحكومة على رؤساء تحرير الصحف الخاصة حتى نرحم القارئ من مشاتم يومية بين السطور؟
ألم يكن من الأولى أن يخلص كل السادة المصلحين نواياهم ويجتهدوا بجد، وينفقوا من أموالهم وأوقاتهم نصف ما أنفقوه على الجرى خلف المستشار والكابتن لإجراء صلح أكبر وأعمق.. أن يصالحوا هذا الشعب على نفسه حتى لا ينتحر من ينتحر ولا ييأس من يئس، وحتى لا يموت الخائفون من المستقبل من شدة خوفهم على أبنائهم وأحفادهم.. وعلى هذا الوطن؟!!
محمد الدسوقى رشدى
المستشار والكابتن.. معركة قراءة الفاتحة على روح مصر
الثلاثاء، 06 أبريل 2010 12:19 م
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة