كل واحد فينا كان يدرك تماما أنها المرة الأخيرة، لأن ما حدث فى 6 أبريل 2008 أو ما عرف وقتها بيوم الغضب جاء بترتيب إلهى، صدفة مقصودة ستفشل حينما نتدخل لترتيبها، وهذا طبيعى لأن فشل من يفعل أو يتكلم بما لا يؤمن به أمر غالب الحدوث، نفس الذين ركبوا موجة الفرحة بما حدث فى 6 أبريل وأشعلوا ماكيناتهم وأقلامهم التحليلية والتنظيرية تبرأوا الآن من ذكرى إضراب 6 أبريل، أو تحديدا قرروا الوقوف على الشط لمراقبة الموجة وإن علت يقفزون فوقها بسرعة ويتصدرون الشاشات وصفحات الصحف الأولى.. هكذا فعلوا قبل 6 أبريل 2008 وهكذا فعلوا قبل 6 أبريل العام الماضى.. فقط ينتظرون إن نجح ظهروا فى الفضائيات لحديث عن عبقريتهم فى التخطيط والتنظيم وإن فشل أو لم يكن له أى تأثير فى الشارع تبرأوا منه وقالوا إنه أصبح موضة قديمة.. هم أبعد ما يكون عن مشجعى الدرجة التالتة، هؤلاء الذين يقفون على أقدامهم قبل المباراة بساعات يهتفون لفريقهم ويشتمون الفريق المنافس دون أن ينتظروا سير النتيجة..
ربما يتمنى إضراب 6 أبريل أو أى معارض مخلص فى البلد أن يكون له جمهور مثل جمهور الأهلى والزمالك يشجعه ويتمنى فوزه حتى ولو لم يذهب للمدرجات، يشجعه مثل جمهور الدرجة الثالثة يهتف له ويحرض ضد منافسيه دون أن ينتظر إحراز الهدف الأول أو الصفارة التى تعلن النتيجة النهائية.
هذه هى الأزمة الحقيقية للحركات الاحتجاجية فى مصر أنها لا تجد مساند مخلص ومن قبل ذلك كتم على أنفاسها أناس يعملون ويصرخون من أجل الفضائيات لا من أجل البلد، يهتفون بعشوائية ويتحركون دون دراسة الموقف ووضع التغيرات فى حسبانهم.. وهل يعقل أن تنظم حركة احتجاجية مسيرة تظاهرية للمرة الثالثة بنفس منطق المرة الأولى دون أن يعى أحدهم أن الطريقة التى يفكر بها الجهاز الأمنى تطورت وتغيرت ولم تعد تنفع مع تلك التجمعات "العفيجية" التى تبحث عن أى اشتباك مع الأمن يعلو بشأن مظاهراتها على شاشات التلفزيون؟ هل يعقل أن يتم تنظيم مسيرة تظاهرية فى تلك المرحلة الزمنية الفاصلة دون أن يحضرها هؤلاء الذين ترفع التظاهرة صورهم كرمز للتغيير؟
عموما سأقول هذا وقد قلته من قبل.. ربما لم تنجح مسيرة أمس الاحتجاجية، وربما يكون خطوة غير مدروسة لشباب أسكرتهم نشوة فوز جاء فى ملعب لم يحرزوا فيه أهداف من قبل، وربما توجد أسباب علمية وأمنية لعدم النجاح المتوقع لتلك التظاهرة فى هذا التوقيت الذى يشهد جولات للبرادعى ونور، ولكن تبقى عدة أشياء مؤكدة أهمها حكمة تقول إن للتغيير ضريبة وضريبة صعبة وقد تكون بشعة فى بعض الأحيان، وعلى من لا يرى فى نفسه عدم القدرة على الدفع أن ينزوى بجوار أى حائط ويترك الفرصة للشارع المصرى لكى يلد لأهله شخص ما قادر على دفع ضريبة التغيير وشراء دمغة المستقبل.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة