حنان كمال

6 إبريل.. فشلنا الثالث عشر

الجمعة، 09 أبريل 2010 07:32 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
الزعيم ماوتسى تونج بيصبح ويمسى على شعب مصر، وبيقوله "إنه مجرد فشلنا الثالث عشر".. ظل ماو تسى تونج يقول لرفاقه فى الثورة "إنه ليس إلا فشلنا الأول.. الثانى.. الثالث.. الرابع".. حتى وصل لفشله الرابع عشر وهنا فقط أدرك خطأه الإستراتيجى باعتماد الثورة على النخب وليس على الجماهير.. من هنا بدأ الزعيم الصينى مرحلة جديدة فى الثورة تعتمد على بناء القواعد الجماهيرية، أربعون عاماً من النضال المتواصل والصبر على الهزائم، احتاجتها الثورة الصينية قبل أن تحقق أهدافها بالتغيير فى الصين.. يدينا ويديك طولة العمر.

لذلك لا تنتظر بائعاً صينياً يحمل "بؤجته" الثقيلة ويصعد سلم بيتك بدون أساسنسير ويطرق بابك، عارضاً عليك تغييراً صينياً أرخص من المحلى، فالصين على سبيل المثال قدمت 5 ملايين شهيد عبر أربعة عقود، وقتها لم يكن مارك جوكر بيرج قد اخترع الفيس بوك بعد، حيث يتصور الكثيرون إمكانية دخولهم حلبة النضال بكبسة زر، فما أن يغادروا أماكنهم أمام شاشات الكمبيوتر المضيئة يكتشفون أن العالم المظلم لم يتغير، وأن الحكومة ما زالت تحكم، رغم فشلها الواضح فى أن تصبح حكومة إلكترونية، المهم صنع شهداء الثورة الصينية التغيير على الأرض، وليس على الفيس بوك وبدم الشهداء، وليس بالديسكوشن بورد (لوحة المناقشات يعنى) ونحن إذا كنا نبكى وننهار ونحبط، لأن تسعين شاباً وشابة تم اعتقالهم فى مظاهرة 6 إبريل فينبغى علينا أن نضيف الصبر والثبات على القائمة الطويلة لواردتنا من الصين.

تعالوا نراجع معاً الدروس المستفادة مما حدث يوم 6 إبريل أعاده الله عليكم باليمن والبركات والتغيير فوق البيعة، للموسم الثالث على التوالى تتم الدعوة للتظاهر يوم 6 إبريل، فى المرة الأولى عام 2008 نجحت الحركة فى بؤرة واحدة وهى مدينة المحلة الكبرى، هنا فقط حدثت المعجزة والتحم الشعب بحركة كانت وليدة وليست لها ارتباطات سياسية سابقة، ولا تضم محترفى السياسة، كان أحد أسباب نجاح 6 إبريل 2008 فى المحلة هو أن الدعوة لإضراب 6 إبريل فى موسمه الأول ارتبط بمطلب اجتماعى، وهو الوقوف ضد ارتفاع الأسعار وتدنى الأجور، فى الموسمين التاليين كان شباب 6 إبريل قد أصبحوا من عتاة محترفى السياسة، وواصلوا التظاهر فى نفس اليوم بلا دلالة إلا لذاكرته العطرة فى نفوسهم بوصفه يوم ميلادهم فى عالم السياسية، وأصبحت المظاهرة تتم على طريقة النصب التذكارى لـ6 إبريل، ولو كان شباب 6 إبريل قد احتفظوا بنقائهم الثورى الأول لاختاروا على سبيل المثال التظاهر قبل شهرين حينما كان الشهداء يتساقطون فى معارك الحصول على أنبوبة بوتاجاز فى القاهرة ومدن مصرية أخرى، بينما ينساب الغاز المصرى خفيفاً ورخيصاً نحو تل أبيب، وقتها على الأقل كان سيلتحم بهم كل مواطن واقف ليومين أو ثلاثة فى طوابير الغاز.

هل تعتقد أن الشعب المصرى يريد أن يدفع ثمن الديمقراطية، أنا أعتقد أنه مهتم أكثر بدفع ثمن الخبز واللحم والجاتوه، ومنذ ما يقرب من مائة عام أسقطت جماهير مركز السنبلاوين الدكتور أحمد لطفى السيد، الذى كان مرشحاً لمقعد البرلمان، لأن منافسه أشاع أن د.لطفى السيد ديمقراطى والعياذ بالله، اعترف المرشح الديمقراطى بتهمته وخسر البرلمان، فى الحقيقة نحن لم نتغير كثيراً، فبعد قرن كامل تواصل الجماهير المصرية إسقاط المرشح الديمقراطى، لأنها تنتخب من يدفع أكثر. حكمة العدد، لا ترفع شعارات ديمقراطية، اقترب أكثر من هموم الناس اليومية.

ثالث الدروس المستفادة، هى أننا نتشبه بحركة التغيير فى إيران ولا نشبهها، إلا فى أن بعض سياسيينا يمتلكون حساباً على شبكة تويتر، عاوز تعرف الفرق أقولك، أولاً يتمتع النظام الإيرانى بكراهية دولية عميقة، لأنه نظام إسلامى، بينما يحظى النظام المصرى بدعم دولى كبير، خوفاً من أسطورة البديل الإسلامى، هذه واحدة، أما الثانية فترتبط بتكنيك الحركة والتضحيات المقدمة، كان مير حسين موسوى ينزل بنفسه المظاهرات فى الشارع مع أنصاره، قدمت الحركة الإيرانية مئات الشهداء من بينهم ابن أخت موسوى نفسه، وآلاف المعتقلين .. (لن أصف لك الحال المقابل فى مصر، راجع ملفات الفيديو الخاصة بمظاهرة 6 إبريل فى مصر على موقع اليوتيوب لتدرك كم هى حركتنا هزيلة)، ومع هذا يا سيدى فحركة التغيير فى إيران لم تنجح بعد.. الحقيقة المؤلمة، هى أن حركة التغيير فى مصر لم تبدأ بعد.

كن صبوراً، فالله خلق العالم فى ستة أيام، لكن يبدو أنه سيغير مصر فى ستة آلاف عام، وفقاً لقاعدة أنه لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم، راجعت الدرس؟، الخلاصة: حينما تدعو لمظاهرة وتعرف أنه لن يشارك فيها إلا الـ500 واحد الذين يشاركون فى كل المظاهرات منذ فجر التاريخ، فمن الأفضل ألا تدعو لها، فإذا لم تنجح فكرة المظاهرة فى حشد جماهير الناس فلا فائدة فيها، إلا إذا اعتبرت أن الاعتقالات والضرب الذى يناله المتظاهرون من قبل قوات الأمن فى عداد الفوائد، ثانياً إذا لم يكن عدد المتظاهرين أكبر من عدد قوات الأمن المركزى المستعد لسحل المظاهرة، فمن الأولى ألا تقوم بها، حيث لا مجال هنا فى مصر للمظاهرات السلمية البريئة ولا ضمانة للناس من اعتداءات الشرطة، إلا بجسم شعبى كبير متضامن، النتيجة الثالثة هى أن المظاهرة الناجحة هى التى تضم البهوات والحرافيش كتفا بكتف.. فمن غير اللائق أن يدعو عليه القوم الناس للتظاهر ولا يشاركون، النقطة الأخير، لا تعتمد كثيراً على أعداد المشاركين فى جروبات التغيير على الفيس بوك، لو كان الفيس بوك وسيلة ناجعة للتغيير لكان مخترعه الآن قد انتحر من إحدى شرفات لندن، الفاتحة للنبى.









مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة