من كان منكم من مواليد التسعينات فما فوق فلن يفهم كلمة واحدة من الكلام الذى يملأ السطور القادمة، من كان منكم من جيل "البوكيمون" و"المحقق كونان" و"سابق ولاحق" وكل تلك الأفلام الكارتونية المعقدة والعنيفة.. وحينما أسمعوه أغنية للأطفال أسمعوه "بوس الواوا" بتاع هيفاء فلن تسرى "قشعريرات" الذكريات فى جسده حينما يعرف أن السيدة سامية شرابى قد توفاها الله أمس.
إذا كنت من أبناء تلك المرحلة التى ذكرتها فى السطور الأول لن يخفق قلبك، ولن تقول يااااااه ولن تقول الله يرحمها حينما تقرأ خبرها.. أما إن كنت مثلى من أبناء الثمانينات الذين ولدوا وعاشوا فى حجر ماما سامية وماما نجوى وبابا ماجد وكعبول وتان تان وفرحوا وهللوا مع توم آند جيرى وسعوا بكل جهدهم لتقليد صوت بطوط ومشية بندق، وحرفنة الكابتن ماجد، وامتلأت أحلامهم بمغامرات ماز ينجر وجريندايزر.. إنت كنت واحدا من هؤلاء فلن يعبر خبر وفاة سامية شرابى من أمامك دون أن تصاب بقشعريرة تلك الذكريات التى تتحرك بداخلك، ستتذكر ماما سامية وبسرعة سيشغل بالك اللحن المميز لبرنامجها الطفولى الجميل، وستحاول أن تتذكر كلمات تلك الأغنية التى كانت تقول "دى عروستى، عروستى، عروستى طول عمرها لعبة ع الشاطر طبعا سهلة سهلة ماهش صعبة نلعبها سوا مع بعضينا.
ستتذكر ماما سامية وكرومبة وتلك البرامج الطفولية التى كانت رغم سذاجة بعضها تمتلئ بالبراءة ولا تخلو من المعلومة، ستتذكر وتقارن وستترحم على سامية شرابى وغيرها، ستعود إلى تلك اللحظات التى كنت تضبط نفسك فيها متلبسا بتخيل نفسك مازنجر أو ميكى أو الكابتن ماجد؟!، فمن منكم لم يغضب من الدنيا ومن أهله ومن وزارة الكهرباء حينما يمنعونه عن رؤية كارتونه المفضل؟! من منكم لم يضبط نفسه غارقا حتى أعلى شعرة فى رأسه فى تفاصيل صراع توم آند جيرى وأليس فى بلاد العجائب وبطوط مع توتو وسوسو ولولو؟!.. من كان منكم بلا شخصية كارتونية اعتاد أن يرسمها فى كتب المدرسة ويحلم بمغامراتها لا يقرأ تلك السطور.. ويروح يشوف له دكتور نفسانى أحسن.
هذه الشخصيات التى تضحكنا وتنتزع دموع الفرحة من عيوننا، تستحق بعضا من التقدير والتحية، هى شاشة الأطفال الحقيقية التى لا تعترف بمواسم عرض أو شباك تذاكر أو نجوم يختفى الواحد منهم بعد أول فيلم يصنعه للأطفال، معتبرا أنه كان يصنع الفعل التافه بعينه، هذه الشخصيات الكارتونية هى نجوم الأطفال بجد، بعد أن عجز كل المتاجرين باسم الأطفال والمتحدثين عن ضرورة صناعة عمل للأطفال عن زحزحة هذه الشخصيات عن القمة..
الوضع إذن سيبقى كما هو عليه سينما عربية عاجزة أن تصنع شخصية كارتونية بجد، تتفاعل مع الأطفال ويتفاعلون معها، صحيح أن بكار حقق جزءا من هذه المعادلة، ولكنه عجز عن استكمالها بعد أن اكتفى صناعه بالتعامل مع الشخصية من ع الوش فقط، على اعتبار أن الأطفال سذج وبسطاء ويكفيهم مجرد أغنية مضحكة، فشل المحاولات العربية تعكس هذه النظرة غير الصحيحة للأطفال، وتؤكد أن الأطفال اختاروا بشكل جيد حينما رفضوا أعمال من يتعاملون معهم بتلك الساذجة وذهبوا حيث توجد الشخصيات التى أثرت فى خيالهم، حيث يوجد مازنجر والكابتن ماجد وبطوط والسنافر وغيرهم من القصص التى تبحث عن طرق يتعرف من خلالها الأطفال على العالم بخيره وشره وأخلاقه.
رحم الله سامية شرابى وكل مذيع وكل منتج وكل من شارك عن اقتناع وإيمان وحب وليس على سبيل التجارة فى صناعة عمل برىء ومحترم للأطفال.. ولعنة الله على كل تجار هذا الزمن الذين يبحثون عن أرزل الكلمات وأسوأ الألحان وأعبط الأصوات وأكثر الأجساد إثارة ليقدموا للأطفال تعاليم الزمن الجديد فى تلك الأغانى الهابطة.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة