بكل سرور أو عز، يمكن بالعين المجردة الفرجة على عملية سيطرة سياسية، تقود إلى سيطرة اقتصادية، وتحكم فى كل شىء من القانون إلى الدستور، ومن الصحة للزراعة، والاحتكار لا يأتى من الاقتصاد فقط، فهذا مقدور عليه قضائيا وشعبيا، لكنه يأتى من احتقار السياسة والبرلمان والانتخابات والركوب فوق السلطات. وهو مانراه بكل وضوح فى نموذج أحمد عز الذى يجمع فى يده مجموعة "ريموت كنترول" تتحكم فى كل شىء، ويبقى الحديد هو جزء من اللعبة.
ولهذا رأينا كيف يتغاضى جهاز المنافسة ومنع الاحتكار، عن اتهام عز باحتكار الحديد، ويلجأ إلى تعبير أقرب إلى الدلع، مثل الاستحواذ أو السيطرة. وبالطبع فهؤلاء الموظفون ينظرون فى الأوراق، ولا يمكنهم الإشارة إلى حالة من الاحتكار تتجاوز الحديد إلى الدستور والقانون. احتكار من المنبع.
أمين تنظيم كيان يزعم أنه حزب وطنى، يروج لكونه لا يحتكر، وأنه يخضع للقانون، ويتجاهل هو ومؤيدوه أنه هو الذى صنع القانون وأعطاه للموظفين بعد انتزاع أنيابه وأظافره وجعله خاليا من الكولسترول ومن القانون. ولهذا نرى من يرهق نفسه بالبحث عن الفرق بين الاحتكار والسيطرة والاستحواذ واللوغاريتمات . وبعضهم يقارن بحالة مايكروسوفت والقضاء الأمريكى، مع أننا لم نعرف أن بيل جيتس كان يترأس أمانة تنظيم الحزب الجمهورى أو الديمقراطى، مع لجنة الخطة والموازنة فى الكونجرس، مع سيطرة كاملة على حزب الأغلبية، والحرص على اختيار نواب للتصفيق، يتحركون بالريموت كنترول.
الاحتكار هنا ليس فى الحديد بل إن الحديد يأتى ثمنا للسياسة والاستفراد بالسلطة التنفيذية والتشريعية وما تيسر، هنا المال يشترى السياسة، والسياسة تدعم المال فى خلطة تتفوق على أى خلطة سرية أو علنية.
الاحتكار من المنبع أن يتحكم شخص واحد أو مجموعة من الأشخاص فى التشريعات التى تحكم البشر، ويستبدون بإنتاج القوانين وترى عز تدخل بسلطات أمين التنظيم فى شكل قانون المنافسة ومنع الاحتكار فيجعل النسبة أكثر من ستين فى المائة، ويضمن أن الأغلبية الميكانيكية معه ليس بحكم الانتماء للحزب، لكن بحكم امتلاكه للريموت كنترول فى المجمعات الانتخابية، والدوائر، والأغلبية هنا تعمل عند أمين التنظيم وتدين له بالولاء، ومن المنبع تتم عرقلة القوانين، وتشكيل الدوائر الانتخابية بدون جهد أو حاجة إلى قانون.
شكلا كل هذه الممارسات قانونية، وموضوعا هى احتكار من المنبع، وبدون مجهود يذكر. عز يجمع بين أمانة التنظيم ولجنة الخطة، والمال اللازم لإدارة الموضوع كله بدون جهد أو حاجة للقانون. الذى يصبح مثل الطين الصلصال قابلا للتشكيل، تصنع منه بطة ورزة وتشريع ودائرة انتخابية وبالونات إذا أردت.
الاحتكار هنا ليس للحديد والزرنيخ ولكنه الاحتقار للقانون والدستور وكل القواعد الموجودة لدى البنى آدم، والحزب الوطنى الخاضع لإرادة شخص واحد، أو عصبة صغيرة، تجمع بين السلطات وتتلاعب فى التشريعات، وتمنع من المنبع أى تداول للسلطة أو المال. وتحتقر الدستور والقانون، من أجل أن تحتكر السياسة والاقتصاد.