يستمتع نظام الحكم الذى يقوده الرئيس مبارك بأن يتعامل مع خصومه من تحت الترابيزة، فالمواجهات المباشرة بين نظام الحكم الحالى وأى خصم من خصومه فكرة غير واردة، لأن النظام يعلم تماما أنه عريان ومن السهل كشفه، ولذلك يلجأ رجاله إلى تمرير تهم من ماركة تشويه السمعة والتشكيك فى الوطنية من تحت ترابيزة مثقفى الدولة وأجهزتها وتشبيكها بدبوس فى ديل بدلة أى معارض للنظام فى محاولة لفضحه أمام الناس، أوبمعنى أصح تشويه صورته أمام جمهور الشارع، وعادة ما تلجأ الحكومة لتمرير تلك التهمة التى تعلم جيدا أنها تربك حسابات المواطن المصرى العادى لأنها تلصق بالمعارضة تلك الأشياء التى يكرهها المصريون بالفطرة.
وأسهل دبوس يرتاح النظام الحاكم وهو يشبكه فى ديل معارضيه هو العمالة لأمريكا، حيث تخرج كل الأقلام التابعة من أدراجها وتبدأ بشن حملة لإثبات أن المعارض فلان الفلانى أمريكانى يحب أوباما ويحج للبيت الأبيض ولا يحمل سوى الدولارات مثلما فعلوا مع أيمن نور وهشام قاسم وجميلة إسماعيل ويفعلون مع البرادعى الآن وأى معارض مصرى قاده القدر للقاء أى مسئول أمريكانى حتى ولو بالصدفة، أو أنه صهيونى يزين جدران منزله بنجمة داود ويسافر للتصييف فى شوارع تل أبيب ويمول مركزه من فلوس أمريكا ويضع معها خطة لهدم الإسلام مثلما فعلوا مع سعد الدين إبراهيم، أو أن هذا الشخص الذى يعارض الحكومة على صلة بأقباط المهجر فى أمريكا ويتعاون معهم من أجل إحداث فتنة طائفية فى مصر وتشويه سمعة البلد مثلما فعلوا مع الكثير من الأقباط الذين قالوا لا فى وجه مبارك الذى يعشق كلمة نعم وتبقى تهمة أخرى ولكنها تهمة أولد فاشون استعمال نظام السادات وهى الشيوعى الأحمر الكافر الذى لا يعترف بالأديان، أو أن هذا المعارض متطرف إرهابى يعشق العنف ولا ينام قبل أن يشرب كوبا من الدم وله تنظيم مسلح تحت الأرض ويهدد الأمن القومى لمصر، وهى التهمة الذى يسعى النظام ويجتهد ليشبكها بدبوس فى بدلة أو جلابية الإخوان المسلمين بعد أن عجز فى أن يجد لهم حلا فى ظل بقائهم الظاهر رغم أن صحفه تطلق عليهم لقب المحظورة.
الفترة القادمة سترد على آذانكم الكثير من العبارات التى تحمل اتهامات بهذا الشكل، فهذا هو موسمها.. موسم الاتهامات الخمس التى يلجأ النظام لتوزيعها مع بداية كل موسم انتخابى، ولكن هل يمكن أن يفاجئنا النظام باتهام جديد للمعارضة؟ هذا أمر وارد فى ظل حالة التجديد والتطور التى نعيشها، لأن اتهاما مثل الذى يوجهه النظام للإخوان لم يعد يجدى نفعا فى ظل علو موجة الاعتدال داخل الجماعة وشهرة أصوات مثل صوت الدكتور عصام العريان وأبو الفتوح وغيرهما من رجال الجماعة الذين أصبحوا محل ثقة الناس والتيارات السياسية المختلفة، فلم يعد مقبولا أن نسمع كلام من نوعية أن ولاء الإخوان لغير مصر وأن للإخوان تنظيما سريا يعمل تحت الأرض ويتدرب على ترسانة أسلحة مخفية، فهذه الاتهامات مجرد محاولة لوضع الإخوان فى نفس القفص مع الإسلام الوهابى المتطرف أو بمعنى أصح زنق الإخوان فى مربع العنف وفى مركب واحدة مع بن لادن وتنظيم القاعدة مستغلة فى ذلك موقف الإخوان فى السبعينات الذى تأثر بشدة بتيار التحريم والتشدد الوهابى الذى انتشر فى تلك الفترة بقوة مع ظهور فلوس النفط، ولكن هل تصلح هذه الاتهامات لعصر جديد نسمع فيه مراجعات إخوانية خاصة بمسألة الحزب وقبول المرأة والدولة المدنية، هل تصلح هذه الاتهامات ونحن نسمع تصريحات على لسان العريان وأبو الفتوح تقول بأن التيار الوهابى سبب نشر مناخ التطرف والإرهاب وأنه جاء بأفكار غريبة تخالف روح الإسلام الذى يبحث عن الحرية والعدالة والمساواة ولخص الإسلام فى مظاهر كاذبة وخاض حربا من أجل جلابية قصيرة وقصص صغيرة متناسيا القضايا الكبرى.
أعتقد أن النظام الحاكم سيكون فى مأزق خلال الموسم الانتخابى الحالى، لأن الناس لم تعد تصدق ألاعيب الماضى فلن يحزن أحد لأن البرادعى يزور أمريكا أو على علاقة معها لأن الناس ترى بأعينها الآن النظام يسعى بقوة لينال رضا البيت الأبيض، ولن تخيل على البعض لعبة العنف والتيار الوهابى والدولة الدينية لأن الكل يرى بعينه أن النظام المصرى أول من يشجع ويفتح الأبواب أمام شيوخ الوهابية فى مصر.. هو إذن موسم انتخابى مختلف أو بارد.. مختلف لو نجح الإخوان فى لم شتاتهم ووضع خلافاتهم على جنب والتركيز فى المعركة الانتخابية، وركز الدكتور البرادعى ومن معه فى الشارع وتجنبوا جلسات جمعية التغيير الكلامية.. وبارد إذا بقى كل على حاله.. الإخوان مشغولون بخلافاتهم، والدكتور البرادعى مشغول بالتصريحات والحوارات ومعارك تشكيل المكتب التنفيذى لجمعية التغيير.. وعلى العموم نحن فى انتظار ما قد تأتى به الأيام القادمة.. مع توقعات بحالة برودة شديدة يتخللها تيارات هوائية ساخنة لا تصنع أى فارق.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة